التَّلْخِيص، وتنكُّب السُّؤَال الحُوشيِّ العويص، ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا يُوسُف، مَا وزن " نكْتَل " من قَوْله تَعَالَى: (فأرْسِلْ مَعَنا أخانا نَكْتَلْ)؟ قَالَ لَهُ: نَفْعَل، وَكَانَ هُنَالك قوم قد علمُوا هَذَا الْمِقْدَار، وَلم يُؤْتَوْا من حظّ يَعْقُوب فِي اللُّغَة المِعشار، ففاضُوا ضَحِكا، وأداروا من الهُزْء فلكا، وارتفع المتوكِّل، فَخرج السِّكِّيتيُّ والمازنيّ، فَقَالَ ابْن السكِّيت: يَا أَبَا عُثْمَان، أسأتَ عشرتي، وأذويت مَشرتي. فَقَالَ لَهُ المازنيّ: وَالله مَا سَأَلتك عَن هَذِه، حَتَّى تحققت أَنِّي لم أجد أدنى محاولا، وَلَا اقْربْ مِنْهُ متناولا.
وَأي شَيْء اذْهَبْ لزين، وأجلب لعَبَر عَيْن، من معادلته فِي كِتَابه الموسوم " بالإصلاح "، الرَّيْم الَّذِي هُوَ الْقَبْر، وَالْفضل، بالرَّيم الَّذِي هُوَ الظَّبي؟ ظَنَّ التَّخْفِيف فِيهِ وَضْعا.
وَمن اعْتِقَاده فِي هَذَا الْبَاب أَن الْغَيْن، وَهُوَ جمع شَجَرَة غَيناء، وَأَن الشّيْم: جمع أَشْيَم وشَيْماء، وَزنه: " فِعْل "، وَذهب عَلَيْهِ انه " فُعْل " غُوْن، وشُوْم، ثمَّ كُسرت الْفَاء، لتسلَم الْيَاء، كَمَا فُعل ذَلِك فِي بِيض. وَهَذَا بَاب من التصريف مَورودٌ مَنْهَل، ومعلومٌ غيرُ مَجْهَل، إِلَى غير ذَلِك من الْخَطَأ الَّذِي لَا أحصي عدده، وَلَا أحصُر مدده، وَقد أفردت فِي ذَلِك كتابا.
وَأي شَيْء أدلُّ على ضعف المُنَّة، وسخافة الجُنَّة، من قَول أبي عبيد الْقَاسِم بن سلاَّم، وَفِي كِتَابه الموسوم " بالمصنَّف ": العِفْرِية: مِثَال فِعْللَة، فَجعل الْيَاء أصلا، وَالْيَاء لَا تكون أصلا فِي بَنَات الْأَرْبَعَة.
وَمن قضاياه الَّتِي نَصَّها فِي هَذَا الْكتاب، فِي " بَاب عُيُوب الشّعْر وَطَوَائِف قوافيه " فَإِنَّهُ مَا كَاد يُوَفَّق مِنْهَا فِي قَضِيَّة، وَلَا يُسَدَّد فِيهَا إِلَى طَريقَة سَوِيَّة، وَقد أبَنْتُ ذَلِك عَلَيْهِ، فِي كتابي الموسوم " بالوافي، فِي علم القوافي ". وَمن استشهاده بِقَوْلِي الهُذَليّ:
لحَقُّ بني شُغارَةَ أنْ يقولُوا ... لصخرِ الغَيّ مَاذَا تَسْتَبِيثُ
1 / 33