وَفِي رِوَايَةٍ: وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالحَجِّ. فَقَالَ رَجُلٌ: الحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالحَجِّ، هكَذَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ الله ﷺ.
ــ
كثيرةٌ إلى: أنّ فرضَ الجهاد قد سقَطَ بعد فتح مكَّة، وذُكرَ أنَّه مذهبُ ابنِ عمر، والثوري، وابن سِيرِينَ، ونحوُهُ لسُحنُون من أصحابنا، إلا أن ينزلَ العَدُو بقوم، أو يأمر الإمامُ بالجهاد، فيلزمُ عند ذلك.
وقد ظهَرَ مِن عدولِ ابن عمر عن جواب الذي قال له: ألا تغزو؟ إلى جوابه بقول النبيِّ ﷺ: بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ، أنَّه كان لا يرى فرضيَّةَ الجهاد في ذلك الوقت خاصَّةً، أو على أنَّهُ يرى سقوطَهُ مطلقًا؛ كما نُقِلَ عنه.
وحديث ابن عمر هذا قد روي من طرق: ففي بعضها: شَهَادَةِ أَن لاَ إِلهَ إِلا اللهُ، وفي بعضها: على أن تعبَدَ اللهُ، وتكفَرَ بما دونه، فالأُولَى نَقلٌ للفظ، والأخرى نقلُ بالمعنى، والأصل نقل اللفظ، وهو المتفق عليه.
وقد اختُلِفَ في جواز نقل الحديثِ بالمعنى مِنَ العالِمِ بمواقعِ الكلم، وتركيبها على قولين: الجواز، والمنع. وأما مَن لا يَعرِف، فلا خلافَ في تحريمِ ذلك عليه، وقد أوضحنا المسألةَ في الأصول.
وقد وقع في بعضِ الرواياتِ في الأصل تقديمُ الحجِّ على الصوم، وهي وَهَمٌ، والله أعلم؛ لأنَّ ابن عمر لمَّا سَمِعَ المستعيدَ يُقدِّمُ الحجَّ على الصوم، زجَرَهُ ونهاه عن ذلك، وقدَّم الصومَ على الحجِّ، وقال: هكَذَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ الله ﷺ. ولا شك في أنَّ نقل اللفظ كما سُمِعَ هو الأَولَى والأسلم، والأعظم للأجر؛ لقوله ﵊: نَضَّرَ اللهُ امرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقهٍ إِلَى مَن هو أَفقَهُ مِنهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ (١). ويَحتَمِلُ أن