فذلك ثمان وأربعون صورة وهذه الصور كلها تقوم في الوهم والفكرة فقط وسنخبر عند وصفنا خاصية صفات البروج وحالاتها وما يطلع في وجوهها من كل واحدة من أجزاء هذه الصور فأما دلالاتها على الأشياء فإنما يوجد ذلك في غير هذا الكتاب الفصل الثاني يذكر فيه لم جعلت الصور الاثنتا عشرة أولى بالدلالة من سائر صور الفلك
لما كانت الصور التي في الفلك ثمانيا وأربعين وكانت اثنتا عشرة منها في منطقة فلك البروج صيروا هذه الاثنتي عشرة صورة المستعملة وجعلوها مكانا لكل شيء في الفلك ونسبوا إليها سائر الصور الست والثلاثين وسائر الكواكب التي في الفلك من السريعة والبطيئة السير وجعلوها أولى بالدلالة من غيرها
وقد رد ذلك قوم وقالوا إذا كانت صور الفلك ثمانيا وأربعين فلم نسبوا إلى هذه الاثنتي عشرة سائر الصور الست والثلاثين وسائر الكواكب التي في الفلك وجعلوا هذه الاثنتي عشرة مكانا لغيرها وجعلوها أولى بالدلالة من غيرها فقلنا لهم إنهم قد جعلوا لكل صورة من هذه الصور الثماني والأربعين الدلالة على حالات العالم إلا أنهم جعلوا الدلالة الكلية لهذه الاثنتي عشرة وجعلوا لهذه الست والثلاثين الدلالة الخاصية وإنما فعلوا ذلك لعلل كثيرة
أما إحداها فإنه لما كان فلك البروج محيطا بهذا العالم يدور عليه في اليوم الواحد دورة واحدة وكان دور هذا الفلك على وسطه وهذا الوسط يدور على مركز العالم الذي هو الأرض والكون والفساد موجودان في هذا العالم من دور هذا الفلك عليه وهذه الصور الاثنتا عشرة في وسط هذا الفلك وسائر الصور متنحية عن وسطه في الشمال والجنوب جعلوا هذه الصور الاثنتي عشرة أولى بالدلالة الكلية على الكون والفساد الذي يكون في هذا العالم من سائر الصور الست والثلاثين وجعلوا لسائر الصور الدلالة الخاصية فأما الدلالة الكلية فهي دلالة البرج الواحد على أشياء كثيرة مختلفة بالنوع كالإنسان والفرس والحمار وغيرها وأما الدلالة الخاصية فكالذي يدل على الصورة الواحدة على الإنسان وحده أو على الحمار وحده أو على صفة شيء وحده
Page 184