37

Grand Introduction

Genres

والحجة الثالثة في وجود الإمكان إن الإنسان إنما يتفكر ويستشير فيما فيه الإمكان كالرجل إذا أراد أن يبني بنيانا تفكر في كيفية ما يريد أن يبنيه واستشار فيه فإذا صحت عزيمته على البناء تفكر واختار أي يوم يبتدئ فيه وإذا أراد أن يسافر استشار أيسافر أم لا وهل السفر في البر خير له أو في البحر فإذا صحت عزيمته على السفر فكر واستشار في أي يوم يسافر ثم يسافر في اليوم الذي يريده وإذا أراد أن يزرع تفكر واستشار فيما يريد من الزراعة وفي الموضع الذي يزرع فيه ثم يختار ما يريد مما تفكر فيه وأشير به عليه وإذا أراد صحبة إنسان تفكر واستشار أي الناس خير له ثم اختار الذي يريد

وكذلك يفعل في الأشياء الجزئية كالإنسان الذي يتفكر ويقول أي شيء آكل اليوم أو أي شيء أشرب أو أي ثوب ألبس أو في أي مجلس أقعد وإذا كان صحيح الجوارح والحواس يقول أنظر إلى فلان أو لا أو أكلم فلانا أو لا فهذا وأشياء من هذا الجنس يمكن فيه الاختيار وكل هذه الممكنات أولها يقوم في الفكرة وآخرها يؤول إلى فعله أو تركه فأما الواجب والممتنع فإنهما يوجدان في الأشياء وجودا طبيعيا بالفكرة فقط لأن الإنسان بالفكر يعلم أن الحياة واجبة للإنسان الحي وأنه ممتنع أن يطير ولو كانت الأشياء ئما إما واجبة أو ممتنعة فقط والواجب والممتنع من الاضطرار لم يحتج الناس إلى فكر ولا إلى مشورة وكانت تكون الفكرة والمشورة في اختيار شيء من شيء آخر باطلا لأنه لا يمكن الإنسان أن يتفكر فكرة صواب أو يستشير غيره في النار أتحرق أو لا تحرق لأنها محرقة بالاضطرار ولا يتفكر فكرة صواب ويقول أيطير الإنسان أو لا لأنه ممتنع أن يطير

Page 116