فأما قوم من أصحاب النجوم وكثير من المتفلسفين الأولين الذين كانوا يثبتون دلالات النجوم على الأشياء الكائنة في هذا العالم تثبيتا واجبا فإنه لما وردت عليهم هذه المسئلة العو يصة وعجزوا عن الجواب فيها ردوا الممكن وقالوا إن العناصر إنما هو اثنان الواجب والممتنع فقط لأنا إنما نعرف شيئين نعم أو لا ومعناهما الوجود والعدم فأما نعم فإنها تدل على الوجود وأما لا فإنها تدل على العدم والوجود هو العنصر الواجب والعدم هو العنصر الممتنع وهذه تسمى القضية المتناقضة لأنه إذا صدق جزء واحد كذب الجزء الآخر ولا يمكن أن يصدقا جميعا في شيء واحد في وقت واحد وذلك كرجلين قال أحدهما غدا يكون مطر وقال الآخر غدا لا يكون مطر فلا بد من أن يصدق أحدهما وهو الواجب ويكذب الآخر وهو الممتنع وكذلك إذا قال قائل في يومنا هذا إنه يحدث غدا شيء من الأشياء فإذا حدث ذلك الشيء في غد فإنما حدث لأن حدوثه كان واجبا وإن قال لا يحدث فلم يحدث فإنما لم يحدث لأن حدوثه كان ممتنعا وإذا صدق أحدهما كذب الآخر وكذلك إن قال فلان يمشي فمشى فإنما مشى لأنه كان واجبا أن يمشي فإن قال لا يمشي فلم يمش فإنما لم يمش لأنه كان ممتنعا أن يمشي وقالوا إن الناس مجبرون على أفاعيلهم للأشياء فإذا فعلوا شيئا فإنما فعلوه لأنهم مجبرون على فعلهم ذلك وهو الواجب وإن لم يفعلوه فإنما امتنعوا من فعله لأنه ممتنع أن يفعلوه وكل شيء يكون فكونه واجب والذي لا يكون فهو ممتنع أن يكون وليس يدل النجوم إلا عليهما وإنه لا ممكن البتة
Page 112