17

Grand Introduction

Genres

وصناعة الطب وسائر الصناعات صناعة أرضية وموضوعها الأبدان والأشخاص الزائلة المتغيرة القابلة للزيادة والنقصان والكون والفساد فصناعة النجوم إذا أشرف الصناعات كلها قدرا وأجلها مرتبة فإذ كان علم النجوم كما ذكرنا وكان في ظاهر علم حركات الكواكب ومعرفة قواها التي تظهر في هذا العالم ما وصفنا من استدلال كثير من العامة والصناع بقليل تجاربهم ومعرفتهم على كثير مما هو كائن في جميع هذه الصناعات بما يحدث في كل زمان وفصل من فصول السنة بشدة حر أو برد أو رطوبة أو يبوسة من قبل اختلاف حركات الكواكب في ممرها ومسيرها وانتقالها في أرباع الفلك فما ينكر على العالم بحركات الكواكب وطبائعها وطبائع الزمان الكثير التجارب الذي قد انتهى إليه مما جر به العلماء بصناعة النجوم على قديم الدهور وما استخرجته العلماء والفلاسفة بحكمتها وعلمها ولطيف أفكارها أن يقول إذا رأى الزمان معتدلا بحسن المزاج هذا زمان صحة الأبدان وبقائها واعتدال طبائعها والدال عليه كوكب كذا وكذا وإذا كان الزمان غير معتدل بغلبة بعض الطبائع عليه أن يقول هذا زمان مرض الأبدان وثقلها وفسادها وضعف طبائعها والدال عليه كوكب كذا وكذا ويكون ذلك الكوكب المنسوب إليه ذلك الشيء من الجودة والردائة هو المعروف عند كل من تقدم من أهل صناعة النجوم والمتفق عليه عندهم بتقديم المعرفة وطول التجارب وظاهر الدلالة وباطنها أنه الدال على ذلك الشيء الذي نسبوه إلى ذلك الكوكب من الصحة والمرض أو الخير أو الشر ثم ينظر إلى ذلك الكوكب الدال على فساد الزمان أو صلاحه فإذا انفرد بالدلالة على بعض أشخاص الحيوان وكانت حاله مثل الحال التي دلت على صلاح الزمان أو فساده إن يقول إن ذلك الشخص يكون حاله كذا وكذا من البقاء أو التلف أو الصلاح أو الفساد ويستدل على كل حالات ذلك الشخص من الخير أو الشر على قدر ما يستدل به على حال الزمان من الاعتدال أو غيره لأن الكواكب التي تدل على الكل وحالاتها تدل على جزء ذلك الكل فإذا كان الكوكب يدل على الزمان وعلى أحواله وما يكون فيه من الأشخاص وحالاتها فقد يدل على الشخص الواحد وعلى حالاته أيضا ولأن الأبدان والنفوس والخلق والأخلاق وسائر الأشياء تختلف على قدر اختلاف قوى حركات الكواكب في أحوال السنة وفي أحوال الزمان وفي المكان يترقى من هذا العالم على مثل هذه المراتب إلى أن يصف من اختلاف قوى حركات الكواكب في الزمان والمكان وفي أحوال السنة ومن مسقط النطفة ومن ابتداء مولد الإنسان وخلقه وخلفه ومكانه وغذائه ونشوئه وانتقاله وقوته وضعفه وشجاعته وجبنه وسخائه وبخله وغير ذلك من حالاته ويعرف من مثل هذه الجهة حالات سائر الحيوان والنبات والمعادن ثم يستدل بجميع حركات الكواكب على جميع أحوال الأشخاص من البقاء أو التلف أو الصلاح أو الفساد أو الجودة أو الردائة وسائر الأشياء

Page 72