وراح يدق رأس الغلام دقات متوالية بعصا حتى انتبه بمشقة من نعاسه، فصاح السيد به: «هات الطعام!»
وكان في صوته، وهو يقول الكلمة الأخيرة، شيء أيقظ الغلام الشحيم اللحيم بعنف، فقفز وراحت عيناه المتثاقلتان من سلطان النعاس عليهما تبرقان خلف خديه الضخمين، فطفق يبتسم ابتساما بشعا للطعام، وهو يخرجه من جوف السلة.
وصاح المستر واردل به قائلا: «هيا ... أسرع.» حين شهد الغلام متشبثا في سرور ولذة بدجاجة محمرة، لا يستطيع لها فراقا، ولا يبغي لها تركا، فزفر زفرة عميقة، وألقى نظرة متشهية على لحمها اللدن، وسمنها الظاهر، ثم تقدم على كره منه بها إلى سيده ...
وقال هذا: «هذا حسن ... انتبه ... والآن هات اللسان ... والحمام ... وانتبه لهذا اللحم الكندوس ... ولحم الخنزير ... ولا تنس الكبوريا ... وأخرج «السلاطة» من الغطاء ... وأعطني المفرش!»
وكانت هذه الأوامر العاجلة تخرج من شفتي المستر واردل، وهو يحمل المآكل المختلفة التي أسلفنا ذكرها، ويضع الصحاف في أيدي القوم وعلى ركبهم، وهي كثيرة لا تنتهي.
وعندما بدأت عملية الانقضاض على الطعام، أنشأ ذلك السيد المزاح يقول: «والآن أليس هذا بديعا؟»
وأجاب المستر ونكل، وهو يقطع أوصال دجاجة فوق مقعد السائق: «مفتخر!»
وسأل المستر واردل: «ألك في كأس من النبيذ؟»
قال: «بكل سرور.»
وأجاب المستر واردل: «خير لك أن تأخذ زجاجة بأكملها لنفسك، وأنت في مكانك هذا ... ألا تقر هذا الراي؟»
Page inconnue