روائي إنجليزي ذائع الصيت ولد سنة 1812 لأب مسرف أوقعه التبذير في الدين وألقى به في السجن فساءت حال أسرته، واضطر دكنز أن يتلمس أسباب العيش منذ حداثته؛ تارة عاملا أجيرا، وتارة موظفا صغيرا في مكاتب المحامين، غير أن أول فتوحه في الكتابة جاء من اشتغاله مخبرا صحفيا يكتب النبذة القصيرة للصحف والمجلات عن أهم الشخصيات والأحداث الجارية، وأخذ ينشر مذكرات بكوك في فصول شهرية حتى تألق نجمه فتهافت عليه الناشرون وأخرج من الروايات عددا وافرا مثل «أوليفر تويست»، «دافيد كوبرفيلد» ... إلخ.
وقد برع دكنز أيما براعة في الأسلوب القصصي، وكان يصف شخوصه وصفا دقيقا ويرسم حركاتهم ويتعمق دراسة أخلاقهم وسرائرهم من حمق وكبرياء وقسوة وأنانية. وتصور رواياته ذكرياته الخاصة عن أشخاص صادفهم أو أحداث مرت به، غير أن خياله الخصيب استطاع أن يخلق من الأفراد العاديين شخوصا روائية مثيرة، وأن يصور الحوادث العابرة تصويرا رائعا يلمسه القارئ لمذكرات بكوك، غير أن ذلك لم يمنعه في كثير من الأحيان من دراسة الناس دراسة واقعية، فاستطاع بذلك أن يمزج الحقيقة بالخيال.
وقد اهتم دكنز بنقد مساوئ العهد الذي كان يعيش فيه؛ سواء في التربية أو الحكم البرلماني، أو الحياة الاقتصادية، كما دعا جاهدا إلى البر والخلق الطيب، ونادى بتسوية المشكلات الصناعية عن طريق التوفيق بين العمال وأصحاب العمل، وكان حبه للخير ومقدرته على إثارة العطف والرثاء من أهم ما حبب قراءه فيه. وظل دكنز يشتغل بكتابة القصص والتحرير في الصحف والمجلات حتى مات عام 1870.
الفصل الأول
أعضاء نادي بكوك
كان أول خيط من الضياء يبدد الظلام، ويجلو بنوره الباهر ذلك الغموض الذي أحاط بمطالع تاريخ حياة «بكوك» الخالد، وبداية سيرته، يرجع إلى قراءة الفقرات التالية من محاضر جلسات نادي بكوك، وهي فقرات يسر ناشر هذه المذكرات أشد السرور أن يضعها بين أيدي قرائه؛ دليلا على العناية البالغة، والجهد الذي لا يعرف الكلال، والحصافة المدققة التي توخاها في بحثه بين عديد الوثائق وتنقيبه.
وإليك هذه الفقرات:
12 مايو سنة 1827 - برياسة المستر جوزيف اسمجز نائب الرئيس الدائم، وعضو نادي بكوك.
تقرر بالإجماع الموافقة على القرارات الآتية:
بعد أن استمعت الهيئة بارتياح خالص وموافقة تامة إلى المذكرة التي قدمها المستر صمويل بكوك الرئيس العام للنادي، بعنوان: «آراء ونظرات في منبع بحيرات هامستد وغدرانها، مع بعض الملاحظات على نظرية الزقزوق»،
Page inconnue