L'Égypte au début du XIXème siècle 1801-1811 (Première Partie)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genres
وأخيرا لقد كان الاعتراف بسلطة خورشيد باشا بإصدار فرمان الولاية له يحمل معنى هاما هو أن الباب العالي بالرغم من الفوضى السياسية المنتشرة في البلاد وقتئذ كان لا يزال صاحب السلطان في مصر، وأن الأمور - في ظاهرها على الأقل - لم تخرج من يده بعد.
زد على ذلك أن وجود وال - أو باشا - في مصر يتقلد منصبه رسميا بموجب فرمان الولاية يمكن الباب العالي من تنفيذ خطته التي رسمها من أجل القضاء على المماليك واسترجاع سيطرته الفعلية على البلاد؛ لأن الواجب يقتضي هذا الوالي أو الباشا أن يصدع بأوامر الباب العالي ويعمل لتحقيق هذه الغاية، على أن توطيد سلطان الباب العالي في مصر والقضاء على المماليك يستلزم حتما أن يحالف هذا الوالي أو الباشا الرجل الذي ساد الاعتقاد وقتئذ - سواء في القسطنطينية أم في القاهرة - أنه في استطاعته وحده دون سائر القواد والرؤساء العسكريين أن يقاتل المماليك، وأن يقضي عليهم.
حقيقة لم يكن الباب العالي غافلا عن نشاط الأرنئود ورؤسائهم في مصر، أو أنه كان يجهل ما يضعه محمد علي نفسه وبالذات من عقبات في طريق الولاة ممثلي السلطان العثماني الرسميين في مصر، ولكن مسعى محمد علي الأخير في تحطيم حكومة البكوات في القاهرة قد أظهره بمظهر الخاضع للباب العالي والمتمسك بأهداب السيادة الشرعية التي لتركيا على مصر، وكان سهلا على الباب العالي حينئذ وفي الظروف القائمة أن يعترف بقيمة الخدمات التي أداها للدولة بنضاله ضد البكوات المماليك.
كما صار من صالح الدولة أن تتغاضى عما يكون قد شاب موقفه من شوائب في الماضي، وأن تعمل لاستبقائه إلى جانبها، كما صار من صالح الوالي أو الباشا العثماني في مصر أن يحرص على محالفته، وقد أدرك خورشيد هذه الحقيقة الأخيرة من اللحظة الأولى، ولكنه اعتبر - من ناحية أخرى، ومن اللحظة الأولى كذلك - أن المحالفة مع محمد علي عبء ثقيل يبهظ كاهله، ولا مندوحة له عن التخلص منه عند سنوح أول بادرة.
وقد عبر عن ذلك كله «بول مورييه»
وهو يعتمد في تاريخه على «مانجان» اعتمادا كبيرا - عندما قال: «لقد كانت القسطنطينية على دراية تامة بفعال الأرنئود التي طفح بها الكيل، وبمقاومة محمد علي المستمرة لمندوبي الباب العالي في مصر حتى أعجزهم وعطل نشاطهم، ولكنه كان يؤخذ بعين الاعتبار - من ناحية أخرى - أن هذا الزعيم الألباني قد أسدى للدولة خدمة جليلة بمهاجمته للبكوات، وكان في نظر الدولة الرجل الوحيد الذي يقدر على مناضلتهم أو إهلاكهم والقضاء عليهم.
وقد انطوى - بطبيعة الحال - الاعتراف بسلطة خورشيد؛ أي بولايته على تقرير المنبع المستمدة منه هذه السلطة، كما جعل واجبا على هذا الباشا بحكم منصبه وشرطا لبقائه به أن يواصل العمل من أجل القضاء على سلطة المماليك وإنهائها، وقد استتبع ذلك حتما أن فرضت عليه فرضا محالفة محمد علي وجماعته أثقل الأعباء التي كان عليه أن يتحملها يقينا، والتي ارتبطت بترقيته لهذا المنصب الذي لم يكن لديه أي أمل في بلوغه، ولم يكن خورشيد في حاجة لأن يمضي وقت طويل قبل أن يدرك هو نفسه هذه الحقيقة.»
وحقيقة الأمر أن المدة التي قضاها أحمد خورشيد في الولاية وهي قرابة سنة وشهرين؛ كانت فترة صراع خفي ومستتر تارة، وعلني وسافر تارة أخرى، بين خورشيد ومحمد علي، انتهى بخسارة خورشيد وغلبة محمد علي، الذي ظفر بالحكم والولاية.
الفصل الخامس
ظهور محمد علي: المناداة بولايته
Page inconnue