Le chemin dans l'explication de Sahih Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Édition
الثانية
Année de publication
١٣٩٢
Lieu d'édition
بيروت
عَيْنَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنَاقًا وَفِي بَعْضِهَا لَوْ مَنَعُونِي جَدْيًا أَذْوَطَ وَالْأَذْوَطُ صَغِيرُ الْفَكِّ وَالذَّقَنِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِمَنَعُونِي عِقَالًا فَقِيلَ قَدْرُ قِيمَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُتَصَوَّرٌ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمُعَشَّرَاتِ وَالْمَعْدِنِ وَالزَّكَاةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَفِي الْمَوَاشِي أَيْضًا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا كَمَا إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَنَزَلَ إِلَى سِنٍّ دُونَهَا وَاخْتَارَ أَنْ يَرُدَّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَمَنَعَ مِنَ الْعِشْرِينَ قِيمَةَ عِقَالٍ وَكَمَا إِذَا كَانَتْ غَنَمُهُ سِخَالًا وَفِيهَا سَخْلَةٌ فَمَنَعَهَا وَهِيَ تُسَاوِي عِقَالًا وَنَظَائِرُ مَا ذَكَرْتُهُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذِهِ الصُّورَةَ تَنْبِيهًا بِهَا عَلَى غَيْرِهَا وعلى أنه متصور ليس بِصَعْبٍ فَإِنِّي رَأَيْتُ كَثِيرِينَ مِمَّنْ لَمْ يُعَانِ الْفِقْهَ يَسْتَصْعِبُ تَصَوُّرَهُ حَتَّى حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا وَافَقَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَيْسَ مُتَصَوَّرًا وَهَذَا غَلَطٌ قَبِيحٌ وَجَهْلٌ صَرِيحٌ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنَعُونِي زَكَاةً لِعِقَالٍ إِذَا كَانَ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ أَيْضًا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مَنَعُونِي عِقَالًا أَيْ مَنَعُونِي الْحَبْلَ نَفْسَهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُ الْقِيمَةَ وَيَتَصَوَّرُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ﵀ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِهِ فَإِنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْوَاجِبِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عَرَضًا حَبْلًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا يَأْخُذَ مِنَ الْمَاشِيَةِ مِنْ جِنْسِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ رُبْعَ عُشْرِ قِيمَتِهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَرَضِ وَالنَّقْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْعِقَالَ يُؤْخَذُ مَعَ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِبِهَا تَسْلِيمَهَا وَإِنَّمَا يَقَعُ قَبْضُهَا التَّامُّ برباطها قال الخطابى قال بن عَائِشَةَ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمُصَّدِّقِ إِذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ أَنْ يَعْمِدَ إِلَى قَرَنٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَهُوَ حَبْلٌ فَيُقْرَنُ بِهِ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ أَيْ يَشُدَّهُ فِي أَعْنَاقِهِمَا لِئَلَّا تَشْرُدَ الْإِبِلُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَكَانَ يَأْخُذُ مَعَ كُلِّ فَرِيضَتَيْنِ عِقَالَهُمَا وَقِرَانَهُمَا وَكَانَ عُمَرُ ﵁ أَيْضًا يَأْخُذُ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ عِقَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ للقتال
1 / 209