Le chemin dans l'explication de Sahih Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Édition
الثانية
Année de publication
١٣٩٢
Lieu d'édition
بيروت
الزَّمَانِ خُصُوصًا لِدُخُولِهِمْ فِي غِمَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَأُضِيفَ الِاسْمُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى الرِّدَّةِ إِذْ كَانَتْ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَأَهَمَّهُمَا وَأُرِّخَ قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ إِذْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَخْتَلِطُوا بِأَهْلِ الشِّرْكِ وَقَدْ كَانَ فِي ضِمْنِ هَؤُلَاءِ الْمَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ مَنْ كَانَ يَسْمَحُ بِالزَّكَاةِ وَلَا يَمْنَعُهَا إِلَّا أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ صَدُّوهُمْ عَنْ ذَلِكَ الرَّأْيِ وَقَبَضُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي ذَلِكَ كَبَنِي يَرْبُوعٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا صَدَقَاتِهِمْ وَأَرَادُوا أَنْ يَبْعَثُوا بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁ فَمَنَعَهُمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ وَفَرَّقَهَا فِيهِمْ وَفِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ عَرَضَ الْخِلَافُ وَوَقَعَتِ الشُّبْهَةُ لِعُمَرَ ﵁ فَرَاجَعَ أَبَا بَكْرٍ ﵁ وَنَاظَرَهُ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَانَ هَذَا مِنْ عُمَرَ ﵁ تَعَلُّقًا بِظَاهِرِ الْكَلَامِ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِي آخِرِهِ وَيَتَأَمَّلَ شَرَائِطَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ﵁ إِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ قَدْ تَضَمَّنَتْ عِصْمَةَ دَمٍ وَمَالٍ مُعَلَّقَةً بِإِيفَاءِ شَرَائِطِهَا وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ لَا يَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مَعْدُومٌ ثُمَّ قَايَسَهُ بِالصَّلَاةِ وَرَدَّ الزَّكَاةَ إِلَيْهَا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِتَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الصَّلَاةِ كَانَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ رَدَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الِاحْتِجَاجُ مِنْ عُمَرَ ﵁ بِالْعُمُومِ وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ ﵁ بِالْقِيَاسِ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ يُخَصُّ بِالْقِيَاسِ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ الْوَارِدُ فِي الْحُكْمِ الْوَاحِدِ مِنْ شَرْطٍ وَاسْتِثْنَاءٍ مُرَاعًى فِيهِ وَمُعْتَبَرٌ صِحَّتُهُ بِهِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عِنْدَ عُمَرَ صِحَّةُ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ ﵄ وَبَانَ لَهُ صَوَابُهُ تَابَعَهُ عَلَى قِتَالِ الْقَوْمِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ عَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ يُشِيرُ إِلَى انْشِرَاحِ صَدْرِهِ بِالْحُجَّةِ الَّتِي أَدْلَى بِهَا وَالْبُرْهَانِ الَّذِي أَقَامَهُ نَصًّا وَدَلَالَةً وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمُونَ مِنَ الرَّافِضَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ اول من سبى المسلمون وَأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِي مَنْعِ الصَّدَقَةِ وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم خِطَابٌ خَاصٌّ فِي مُوَاجَهَةِ النَّبِيِّ ﷺ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرَائِطَ لَا تُوجَدُ فِيمَنْ سِوَاهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لاحد من التطهير والتزكية والصلاة علىالمتصدق مَا لِلنَّبِيِّ ﷺ وَمِثْلُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ إِذَا وُجِدَ كَانَ مِمَّا يُعْذَرُ فِيهِ أَمْثَالُهُمْ وَيُرْفَعُ بِهِ السَّيْفُ عَنْهُمْ وَزَعَمُوا أَنَّ قِتَالَهُمْ كَانَ عَسْفًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ ﵀ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوا مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْمٌ لاخلاق لَهُمْ فِي الدِّينِ
1 / 203