De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Genres
47
ومن الموروث يتصدر الفارابي، ثم الغزالي قبل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وصاحب الشريعة، وبعض أسماء الأعلام بين أمير وعالم وشاعر، والأماكن من البيئة المحلية، وأسماء الكتب والفرق.
48
ويمثل الفارابي بداية الوعي التاريخي الفلسفي؛ لذلك يرتبط ابن باجه به بالرغم من ندرة كتبه في الأندلس؛ مما يدل على فضل المشرق على المغرب.
49
كان ابن باجه حلقة اتصال بين المشرق والمغرب من خلال الفارابي وشروحه، مثل شرح نيقوماخيا، بل إن ابن باجه يقتبس من أبي نصر دعاء للتخفيف من ألم الشك في المعرفة وطلب اليقين.
50
ويأخذ ابن باجه نفس الموقف من الغزالي الذي أخذه في «تدبير المتوحد»، ولكن في سياق آخر؛ فيسميه «الرجل المعروف بأبي حامد الغزالي»، وكتابه الذي سماه «المنقذ من الضلال»، وقال إنه شاهد أمورا إلهية، وهي كلها ظنون ومثالات الحق وخيالاته؛ فهو رجل مغالط يدعي أن عجائب العالم العقلي أفضل من عجائب العالم المدني. ويمكن تصويب رأي الغزالي بما قيل في نيقوماخيا إن الأشرار متى خلوا إلى أنفسهم يتأملون، على عكس الأخيار، وكما هو الحال في المقالة الحادية عشرة. ما يقوله الغزالي في حاجة إلى برهان. كان هدفه التثبت فقط من صحة اعتقاده، وأنها لا عناد فيها. يدافع ابن باجه عن العالم العقلي، أما العالم الروحي عند الغزالي فمجرد خيال. يمكن إذن تصحيح تصوف الغزالي بأخلاق أرسطو. فإذا كان ابن باجه قد نقد الغزالي الصوفي لغياب البرهان، فإن ابن رشد قد نقده كأشعري لسوء البرهان. ومع ذلك ظل الغزالي صامدا على مدى ألف عام. كان ابن باجه يريد الجمع بين مشاهدات الصوفية وبراهين الحكماء، كما يروي عن اللقاء بين ابن عربي وابن رشد واقعا أم خيالا. الأول يشاهد ما يعلم الثاني، والثاني يعلم ما يشاهد الأول. ويضرب ابن باجه المثل بداود من بلاد بريطانيا المتقلب في الأديان، وتشوقه لاجتماعه به في مرسيه على معرفة الحق والالتذاذ بالعلم.
51
ويستعمل ابن باجه أسلوب الفقهاء في السؤال والجواب والاعتراض والرد عليه مسبقا. كما يستشهد بالشعر العربي على التشوق الفكري، تشوق الصواب الذي للإنسان خاصة؛ لذلك يقال: نزعتني نفسي، قلت لنفسي في خلاء ألومها، وقول قطري الشاعر. كما أن القوة الفكرية والقوة النزوعية يدل عليهما بالنفس كما قال المعري في شعره. فالتجربة الشعرية مصداق للتجربة الفلسفية.
Page inconnue