Du transfert à la créativité (Volume 1 Le transfert): (3) L'explication: L'interprétation - Le résumé - Les compendiums
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Genres
12
ويبدأ ابن رشد بالتحليل والدراسة. ثم يستشهد بأقوال ابن رشد على صحتها بإرجاعها إلى نتائج تحليله ودراسته؛ ومن ثم يتفق أرسطو مع ابن رشد. ويذكر ابن رشد أرسطو باعتباره مصدرا للمعرفة يتعلم منه بل باعتباره موضوعا للمعرفة يتحقق من صدق أقواله بمراجعتها على دراسة ابن رشد الخاصة وتحليلاته لنفس الموضوع ولاحتوائه داخل ثقافته في ثقافة إنسانية واحدة تجمع بين الوافد والموروث. ويذكر ابن رشد أرسطو للدخول في معركة تفسيره الصحيح وإنقاذه من بين أيدي المفسرين اليونان والمسلمين. فإذا استعمل ابن رشد «كما يقول» فإنه يستشهد بقوله الذي عرف ابن رشد صدقه من قبل بناء على تحليلاته الخاصة. فأرسطو مخبر وراو عن شيء وليس واضعا لحقيقة لا يعرفها ابن رشد من قبل. يحدد ابن رشد موضوعات أرسطو، ويستبعد الموضوعات التي ليست في كلامه. فابن رشد يعرف الأشياء لا الأقوال. يفهم الأقوال بالعودة إلى الأشياء، ولا يفهم الأشياء بالعودة إلى الأقوال.
13
أرسطو يسمي الشيء وابن رشد يصفه. أرسطو يصرح وابن رشد يذهب إلى ما وراء التصريح، متجاوزا النص الحرفي ليعلن عن الشيء ذاته الذي صرح به أرسطو. أرسطو يقول بعد أن يدرك وابن رشد يدرك ما يدركه أرسطو قبل أن يشرح.
14
بل إن أرسطو نفسه لم يعد له وجود بشخصه. أصبح هو الحكيم أي حكيم. تحول من الشخص إلى النموذج كما تحول المسيح من يسوع عيسى ابن مريم إلى المعلم وابن الإنسان، وابن الله، والله في نصوص الأناجيل. كل منها شارح السابق، في موازاة مع تطور العقيدة. لا يهم الشخص بل النموذج. قدم ابن رشد الموضوع على أرسطو ثم احتذى بالحكيم ثم بتعاليمه. ابن رشد دارس يحتذي بالحكيم وليس شارحا له. يرجع ابن رشد الأشياء التي يراها على ما وصف أرسطو حتى يشرحها من أسفل معطيا له الأساس.
15
ويبين ابن رشد معاني أرسطو، ويوضح مقاصده. فالشرح نظرية في البيان والإيضاح، ويبين ما يصرح به أرسطو، ويتجاوز الحرفية والنصية إلى ما يشترطه أرسطو وما يدل عليه قوله. يعني الشرح وصف الشيء ويكون هذا الوصف هو الشرح والعودة إلى الأشياء ذاتها وهي مقاصد الفيلسوف. فالنص قصد، والقصد شيء. البيان إيضاح للمقاصد والأغراض. ففي القصد يتحد المعنى والموضوع. وقد يكون القصد سلبا ببيان ابن رشد ما لم يقصده أرسطو ونفي معاني ليست موجودة عند أرسطو. ويشرح ابن رشد ما لم يفعله أرسطو لأنه يعرف ما فعله. يبين ما بينه وما لم يبينه من أجل معرفة الشيء كله.
16
ويتبع ابن رشد مسار فكر أرسطو ويجد علله وأسبابه وهو الأصولي الباحث عن العلل والمقتنص لها. فيعلل ترتيب أرسطو لكتب المنطق، القياس قبل البرهان. بل ويعلل ما سكت عنه أرسطو وليس فقط ما صرح به. وقد يكون الهدف من التعليل تخليصه من براثن الشراح. ولا يكون الشرح إلا معياريا أي بوجود مبدأ عقلي يحتكم إليه ابن رشد شارحا أرسطو؛ لذلك تتردد عبارة «ينبغي أن يفهم» كثيرا لأنه فهم موضوعي مبني على معيار. ويدخل ابن رشد في محاجات أرسطو، ويستشهد عليها بأقواله حتى يجد له نسقا وتقوى دعوته بالبرهان.
Page inconnue