Du transfert à la créativité (Volume 1 Le transfert): (3) L'explication: L'interprétation - Le résumé - Les compendiums
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Genres
22
وفي نفس الموقف يترك ابن باجه التاريخ ويبحث عن البنية. وبلغة المحدثين يترك التتابع الزماني إلى المعية الزمانية؛ لذلك يتشابه موقف ابن باجه مع موقف ابن رشد في الحضارة الإسلامية وموقف أرسطو في الحضارة اليونانية في الانتقال من التاريخ إلى البنية . ويشرح أرسطو كمبادئ عامة للنسق وليس طبقا للموضوعات التاريخية الجزئية.
وابن باجه على وعي باختلاف العصر، عصر أرسطو عن عصر الشراح. فالشك في بعض الموضوعات لم يكن في عهد أرسطو بل أتى متأخرا في عهد الشراح، وكأن مسار التاريخ من اليقين إلى الظن، ومن الصواب إلى الخطأ في فترة الانهيار كما كان من الظن إلى اليقين ومن الخطأ إلى الصواب في فترة الصعود حتى أرسطو. فأرسطو يمثل قمة التاريخ، ما قبله تطور وازدهار، وما بعده نكوص وسقوط، مثل محمد في تاريخ الأنبياء.
ويضع ابن باجه ثاوفرسطس وثامسطيوس معا كشارحين أساءا تأويل أرسطو مع أن أرسطو أعمق منهما. فعلاقة الأصل بالشرح باستمرار علاقة الصواب بالخطأ، والطبيعي بالمصطنع. ولم يعرض الإسكندر لتشكك ثاوفرسطس بالرغم من مشاركته له فيه. ويذكر ابن باجه ثامسطيوس مع ثاوفرسطس باستمرار وقد أساء كلاهما فهم أرسطو، وأرسطو أعمق منهما. وهذا العمق للمشروح على الشارح قانون عام للتاريخ من العمق إلى السطحية بمرور الزمان من الخلافة الراشدة إلى الملك العضود. ولا يحتاج أرسطو نصرة خارجية ما دام المذهب متسقا داخليا. ويقوم الشارح اليوناني بالحذف والتلخيص منعا للتكرار كما يفعل الشارح الإسلامي وهما من مقتضيات الشرح، ولكن في رأي الاستشراق الشارح اليوناني مبدع والشارح الإسلامي مزور.
23
ويفارق أرسطو الطبيعيين بنظرين؛ الأول جعل الحركة مطلبا بنفسه، والثاني الفحص فيها قبل الفحص في العالم. ولما كان الرأي فيها هو نفس الرأي في وجود العالم فإن هناك رأيين؛ الأول تكون العالم عند أنكساجوراس، والثاني وجوده مرة وارتفاعه مرة أخرى عند أبندقليس على خلاف من يرى أن العالم واحد أبدي، وكذلك رأي أفلاطون الذي لا يقول بالرأيين لأن الزمان عنده متكون. ولم يصرح لأي من الرأيين ينتسب. يبدأ ابن باجه بتصور عام لوضع أرسطو في حضارته بالنسبة للفلاسفة السابقين عليه وكيف أكملهم كما أكمل الإسلام المراحل السابقة وكما تكمل الحضارة الإسلامية الحضارة اليونانية.
24
أما ما قاله جالينوس فإنه سوء فهم لأقوال أرسطو لا يستحق عناء الرد عليه. فقد طعن جالينوس على أرسطو في أن الحركة داخلة في ماهية الزمان معتمدا على أنه دون توهم حركة فلا زمان. وخطأ جالينوس في فهم الوهم عند أرسطو وكأن الوجود تابع للوهم في حين أن الوهم عند أرسطو من عمل الذهن. الوهم ليس في الوجود كما تصور جالينوس بل في المعرفة كما بين أرسطو. ويجادل ابن باجه جالينوس دفاعا عن أرسطو مستشهدا بمثله إذا كان قد برأ من المرض فقد كان فيه شيئان، القابل للصحة وهو المتحرك والطب وهو المحرك.
25
ويعارض ابن باجه معارضة يحيى النحوي لأرسطو في أن القوة تقوم على الفعل وكأن القوة الطبيعية لا تتقدم حركتها. وأحيانا ينقض ابن باجه يحيى النحوي اعتمادا على الفارابي ومناقضته له في الموجودات المتغيرة. ويخلط ابن باجه أحيانا بين يحيى بن عدي ويحيى النحوي ويسميه يحيى بن عدي النحوي، وربما كان الخطأ من المؤلف أو من الناسخ، وربما له نفس النظرية إن لم يكن هو نفس الشخص في الوعي الجمعي ويصفها بأنها مغالطة أو غلط. كما يعارضه اعتمادا على معارضة الفارابي له. ويستعمل طريقة الرسم. وكان سبب خطأ يحيى النحوي استعمال الفلسفة من أجل الدين. يدافع ابن باجه عن أرسطو ضد نقد يحيى النحوي له واعتمادا على نقد الفارابي ليحيى النحوي، كانت غاية يحيى إثبات تقدم القوة على الفعل بالزمان لإثبات حدوث العالم لا قدمه وتشويها للفلسفة باسم الدين، واستعماله الفلسفة لتبرير الدين الشعبي.
Page inconnue