Du transfert à la créativité (Volume 1 Le transfert): (3) L'explication: L'interprétation - Le résumé - Les compendiums
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Genres
الشرح، تفصيل النص فقرة فقرة وبيان القصد والغرض والمراد من الكتاب وكثرة ذكر أسماء الأعلام والمفسرين والفلاسفة والمصطلحات ثم صب هذا كله في الموروث العام من اليونان إلى التراث العربي والفارسي والهندي بالرغم من أن كل أعماله في التلخيص والتأليف.
9
وهو شرح مسهب وطويل، أكبر من نص أرسطو نفسه مما يدل على أنه أقرب إلى التأليف وعلى غير عادة الفارابي صاحب التآليف الصغيرة. وهناك بعض التكرار على عادة الشرح، وليس الضم والتركيز على عادة التلخيص. إذا كان الشرح أكبر من النص فهو شرح، وإن كان أصغر أو مساويا فهو تلخيص. وهو مملوء بأسماء الأعلام أي أنه ما زال مرتبطا بالبيئة الثقافية الأولى التي خرج منها النص. وبتحليل أسماء الأعلام يبرز أرسطو بطبيعة الحال أكثر الفلاسفة ذكرا. ونشره علماء نصارى معاصرون كما ترجمه علماء النصارى الأقدمون. فهو جزء من التراث العربي المسيحي قديما وحديثا. يشعر المعاصرون أنه يعبر عن هويتهم الثقافية، وهي طبعة علمية جيدة يسهل منها الحكم على المسار التاريخي للنص من الترجمة إلى الشرح.
وبتحليل ألفاظ القول؛ شرح، قال، ذكر، صرح، أخبر ... إلخ، كما هو الحال في تحليل ألفاظ الحديث قبل الرواية، يكفي القول إن الفارابي قليلا ما يذكر «قال أرسطو»؛ أي أنه لا يتعامل مع القول والعبارة مع أن الكتاب هو شرح العبارة ولكنه يتجاوز العبارة إلى المعنى والشيء، القصد والمراد. استعمل الفارابي «قال أرسطو» ربما مرة واحدة في أول الشرح ومرة أخرى في زمن المضارع «يقول» أي أنه الآن يدرس الموضوع باعتباره فيلسوفا، ولا يدرس النص باعتباره مؤرخا، ولحسم الخلاف في قضية وليس تبعية له أو مجرد شرح لفظ بلفظ وعبارة بعبارة في المضارع.
10
الفارابي يحلل ويدرس الموضوع إيجابا أم سلبا، ويصف فكر أرسطو داخلا في أعماقه، منتقلا من القول إلى الفكر، ومن اللفظ إلى المعنى، ومن الخارج إلى الداخل. أما «ذكر» فإن الفارابي يستشهد بأرسطو ولا يشرحه. الفارابي هو الدارس والفيلسوف وأرسطو هو الشارح والمؤيد. أرسطو يخبر عن شيء يعرفه الفارابي، ولا يعطي الفارابي علما جديدا أو يعرف بأشياء يعرفها الفارابي من قبل ويتفق معها فيؤيد أرسطو، ويختلف معها فينقد أرسطو، في هذه الحالة لا يشرح الإبداع النقل بل يشرح النقل الإبداع. الفلسفة اليونانية هي الشارحة للفلسفة الإسلامية وليست الفلسفة الإسلامية هي الشارحة للفلسفة اليونانية.
11
وتدل ألفاظ القول على أولوية القول على القائل، فالفارابي يتعامل مع الموضوعات وليس مع الأشخاص. كما تدل استعمالات لفظ معنى على توجه الشرح نحو المعنى وليس نحو اللفظ. كما يتجه الشرح نحو الأشياء ذاتها بوصفها موضوع الشرح لدراستها من جديد.
ويذكر لفظ القول للفارابي أيضا «قال الفارابي رحمه الله» أو «قال أبو نصر» فهي عادة النساخ والمؤلفين ولا تدل على أي تبعية لأرسطو. هي عادة مستعارة من علوم القرآن والحديث والتفسير، حللها علماء الأصول في أول جزء للرواية قبل السند والمتن، وأفعال القول ليست فقط في الماضي أي تدل على حقيقة تاريخية وتراث مضى بل أيضا في المضارع تشير إلى حقائق فلسفية عامة. ولا تأتي في أول الكلام فقط بل أيضا في وسطه استدراكا واستشهادا بعد عرض الموضوع. وتظهر أفعال القول وتشبيهاتها على نحو سلبي مثل «لم يقل»، «لم يذكر». فالشارح يظهر المسكوت عنه، ويبين ما قال النص وما لم يقله. الشرح إيجاب وسلب، والمشروح إظهار وإضمار.
بل إن الفارابي لا يعبر فقط عما صرح به وذكر بل عما لم يصرح به ولم يذكر. لم يشرح الفارابي المنطق بل شرح أيضا غير المنطق والمسكوت عنه. يقول الفارابي مثلا: «لم يصرح أرسطو.» ويصرح به الفارابي نيابة عنه. أرسطو يصرح بنصف المقدمة وليس كلها ثم يأتي الفارابي ويصرح بالنصف الآخر؛ فالفارابي يعلم الحقيقة كلها من مصدر آخر غير العبارة اليونانية، بعلمه الخاص ومنهجه الخاص ومن مصادره الخاصة. عند أرسطو الجزء وعند الفارابي الكل. بل إن الفارابي يستنبط فقرات من أرسطو ليست فيه لإكمال النسق؛ فهو مؤلف مع أرسطو وليس مجرد قارئ له، كما يفعل كتاب الأناجيل مع المسيح، التوحد بالموضوع والتعبير عنه.
Page inconnue