De la transmission à la création (Volume 1 La transmission): (2) Le texte: la traduction - le terme - le commentaire
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Genres
لا تبدأ دراسة الترجمة من النص اليوناني إلى الترجمة العربية، ومن أرسطو إلى العرب في تصور شعوري أو لا شعوري لعلاقة الأصل بالفرع، وعلاقة الآخر بالأنا. هذا هو الظاهر أما الواقع فالعكس تماما هو الصحيح، الترجمة العربية هي الأصل والنص اليوناني هو الفرع، العرب هم الأول وأرسطو هو الثاني. الأنا تبدأ والآخر يأتي فيما بعد؛
21
فالترجمة العربية حامل لموقف حضاري نواته الأولى النص اليوناني، ولكنه ليس نسخة مطابقة له، يمكن نشر الترجمة العربية القديمة ومقارنته بالنص اليوناني القديم ليس بهدف المقارنة، مقارنة الفرع العربي بالأصل اليوناني بمنطق المطابقة، بل لوصف طبيعة العمليات الحضارية التي تتم من خلال الترجمة، زيادة ونقصا أو فهما وتأويلا أو كيفية نشأة المصطلحات.
ليس الاتفاق والاختلاف مع النص اليوناني بدال على الترجمة، مطابقة الفرع بالأصل، وإكمال الفرع بما نقص فيه من الأصل، وحذف من الفرع ما زاد عليه بالنسبة إلى الأصل؛ فليس النص اليوناني هو الأصل والترجمة العربية هو الفرع بل العكس، النص اليوناني هو الفرع والترجمة العربية هو الأصل. التصور الأول يجعل الترجمة بالضرورة نسخة طبق الأصل من النص الأصلي، في حين أن التصور الثاني يجعل الترجمة تعليقا وشرحا وتأليفا غير مباشر. النص اليوناني هو نقطة البداية فقط وليس نقطة النهاية، في حين أن النص العربي هو نقطة النهاية، الأصل اليوناني وسيلة والترجمة العربية غاية. إذن لا يجوز إكمال الترجمة العربية إذا كانت ناقصة من الأصل اليوناني، ولا يجوز حذف نص من الترجمة العربية إن لم يكن موجودا في الأصل اليوناني؛ فالنص المحذوف أو المضاف له دلالة حضارية؛ الحذف تلخيص، والإضافة شرح. ليس النص اليوناني أو النص العربي وثيقة تاريخية طبق الأصل؛ فهذا تصور وضعي تاريخي للنص. النص اليوناني مجرد حامل لدلالة حضارية والنص العربي هو المحمول، بل كلما كان النصان متفقين غابت الدلالة الحضارية، وكلما اختلف النص العربي عن النص اليوناني حضرت الدلالة. ليست الدلالة في حالة الاتفاق مع النص اليوناني بل في حالة الاختلاف معه، في حالة الاتفاق يغيب الإشكال الحضاري، وفي حالة الاختلاف تظهر الدلالة، وكلما كان الخلاف أعظم كانت الدلالة أوضح. ليست مهمتنا تقويم النص اليوناني بالرجوع إلى مخطوط يوناني قديم أقدم من الذي لدينا الآن، الذي يرجع إلى القرن الحادي عشر أو العاشر بينما ترجع الحديثة إلى القرون الرابع عشر والسادس عشر، ومملوءة بانحرافات عن المخطوط الأولي؛ فتلك مهمة المستشرق الذي يجعل النص اليوناني هو الأصل والترجمة العربية هو الفرع. كما أن إنقاذ فقرة طويلة ضاعت من المخطوطات اليونانية القديمة أيضا مهمة المستشرق. كان الهدف من نشر المستشرقين للترجمة العربية القديمة لكتاب الشعر، هو التعرف على النص اليوناني وليس النص العربي؛
22
فاليونان هم الأصل والعرب هم الفرع. وكان الهدف أيضا تعريف الغرب بصورة كتاب الشعر عند الشرقيين وأثره في شعرهم أو عدم فهمهم له. وكلا الفرضين أوروبيان: إفادة الأنا الأوروبي وإبداعه، الأنا اليوناني وإنكار قدرة الآخر على الفهم ثم على الإبداع.
لا يهم ابتعاد الترجمات العربية القديمة عن الأصل اليوناني أو قربها منه؛ فهي بداية الشرح والتلخيص.
23
الترجمة تفسير وتأويل، مراحل متعاقبة لا فصل بينها، هذا تصور المحدثين للترجمة من اليونانية إلى الإنجليزية دون موقف حضاري وتحت تأثير الوضعية اللغوية العربية في القرن التاسع عشر، لم تخطئ الترجمة السريانية لأنها قامت بنفس المهمة في النقل الحضاري من الوافد اليوناني إلى الموروث السرياني كما قام بها الناقل العربي، ولا عيب في أن تختلف الترجمات، فالمصطلحات ما زالت تتخلق، ولها دلالة على الفهم، فالبرهان تعليم، والخطابة امتحان، والسفسطة مرائية وهو لفظ قرآني، ولا يوجد خطأ وصواب بين المترجمين بل درجات مختلفة في فهم النص ، وإحساسات متفاوتة بدرجات عمقه، وطبقا لثقافة المترجم الفلسفية ومعرفته بالمصطلحات وقدراته اللغوية، وكلها تدور حول بؤرة واحدة «مجانبة الرأي المشهور». لا يوجد خطأ وصواب في الترجمة؛ لأن كل ترجمة نقل حضاري. ليست الترجمة فرعا على الأصل اليوناني، بل الأصل اليوناني فرع على الترجمة. والمهم في الترجمة المعنى وليس اللفظ. والترجمة الحديثة خارج الموقف الحضاري القديم.
24
Page inconnue