De la transmission à la création (Volume 1 La transmission): (2) Le texte: la traduction - le terme - le commentaire
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Genres
17
لا يهم معاني القواميس للألفاظ والمصطلحات؛ أي المعاني اللفظية والتاريخية، بل ما يهم هي المعاني الحضارية التي قد لا تكون في اللغة المترجم فيها، بل في اللغة المترجم إليها؛ فالمعنى للاستعمال الحالي، ولا يوجد في القاموس إلا المعاني الحرفية والتاريخية.
إن أهمية نشر الترجمات العربية القديمة للنصوص اليونانية، خاصة أعمال أرسطو، ورصد الاختلافات بينها، ليس فقط تحري الدقة العلمية، بل جعل النص تاريخا للحضارة وحاملا لمواقفها؛ من أجل إعطاء القارئ امكانية بناء المعنى من الترجمات المختلفة؛
18
فلا توجد ترجمة مثالية واحدة صحيحة يمكن استنباطها وجمعها واستقراؤها من عدة ترجمات؛ هذه الترجمة مجرد افتراض لا وجود له، الهدف منه إيجاد ترجمة مطابقة للأصل اليوناني، وتصحيح خلط الأطراف إلى بالعودة الأصل في المركز. إن كل ترجمة على حدة لها وجود مستقل بذاته تعبر عن رؤية المترجم، ونشأة المصطلح الفلسفي وبداية التفلسف والبحث عن المعنى؛ كل ترجمة كائن حي، شخص معنوي، ولا يمكن من مجموع الأشخاص الحية استنباط شخص مجرد عام لا وجود له. إنها عمليات حضارية تكشف عن إبداعات مستقلة للمترجمين كبدايات للإبداعات الفلسفية الخالصة، لا يمكن إسقاطها أو تجريدها من أجل البحث عن النقل الأصلي، الذي لم يعد له وجود نصي في ذهن المترجمين باعتبارهم مبدعين.
ويرد مرجليوث الخلاف بين الترجمة العربية القديمة لكتاب الشعر والنص اليوناني إلى خطأ المترجم العربي أو السرياني، وأحيانا يرده إلى فساد النص اليوناني الذي نقلت منه الترجمة السريانية؛ فالترجمة لديه نسخة طبق الأصل في النص المترجم،
19
والحقيقة أن السبب لا هذا ولا ذاك، بل طبيعة الموقف الحضاري للمترجم. ويقف مرجليوث أمام كل كلمة عربية ليلاحظ انحرافها عن النص اليوناني. والانحراف حكم قيمة يقوم على أن النص اليوناني هو الأصل والترجمة العربية هي الفرع، وهو قلب للموقف الحضاري، وقد يخلط مترجم آخر، ويضع كتاب الشعر ضمن العلوم النقلية عند المسلمين.
20
وقد يقصد بالنقلية الوافد وليس العلوم النقلية بالمعنى الاصطلاحي وهي القرآن، والحديث، والتفسير، والسيرة، والفقه. يظن المستشرق وغيره من التابعين العرب أن الترجمات العربية القديمة هي ترجمات مطابقة للأصل اليوناني، وأن قيمتها كلما كانت مطابقة له؛ فالترجمة وثيقة تاريخية. وهي نظرة استشراقية تاريخية تكشف عن لا وعي حضاري. العكس هو الصحيح؛ كلما كانت الترجمة العربية مختلفة عن النص اليوناني كان العمل الحضاري فيها أوضح. ليس المقياس هو النقل طبق الأصل، وهو مستحيل في النقل، بل الإبداع أي القراءة؛ فكل ترجمة قراءة. (2) ما الأصل وما الفرع؟
Page inconnue