كنوز بلادهم وخيراتها ليأخذوا خرزات لماعة، أو ساعة طنانة، أو هنة هينة من هنات الحضارة!
أو كأهل الجزيرة التي أراد الأميركيون أن يُخلوها ليتخذوها مكانًا لتجربة قنبلة ذرية يفجرونها فيها، فبعثوا إلى أهلها رسلًا منهم يخبرونهم وينذرونهم: إن هذه الجزيرة ستدمَّر وإنه لن يبقى فيها لحي مقام، وإنها صارت دار ممر وإن أمريكا هي دار المستقر، وإن مَن سلَّمَ أثاثه ورياشه وماله أعطوه في أميركا خيرًا منها وأبدلوه بالخيمة في الجزيرة دارًا في نيويورك، وإن الطيارات ستتوالى على الجزيرة لنقل أهلها فليكونوا جميعًا على استعداد، فإنه لا يدري أحدٌ متى سيُنقل، وليعلموا أنه ليس لأحد أن يحمل معه من متاعه شيئًا إلاّ ما كان قدّمه وسيجده أمامه.
أما العاقل فيبذل ما لديه من متاع، ويعلم أن الذي يعطيه اليوم هو الذي يبقى له غدًا وأن الذي يحتفظ به ويخفيه يخسره ويخرج من يده، ويكون مستعدًا للسفر في كل لحظة ... وأما الأحمق فيتمسك بخيمته ومتاعه القليل ويقول: "أنا باق هنا، هذه هي داري وهذا متاعي، وما الدار الآخرة في أميركا إلاّ أكاذيب جرائد وأساطير محررين، ولن أكون أحمق فأبيع عاجلًا حاضرًا
= رزقه إن قال كلمة الحق، وما أحسبه حفل يومًا برضا الناس أو غضبهم أمام رضا الله وغضب الله، بل هو لا يبالي الناس في أمور هي أهون من ذلك بكثير، والذي قرأ سيرته أو طرفًا منها يدرك أن هذه واحدة من أظهر الصفات فيه. ومثل ذلك يقال عن المقارنة بين الصيام والصحة أو الصلاة وكيّ البنطلون! إنما هي أمثلة أراد أن يوصل بها الفكرة فلم يجد أصدقَ من أن يجعل من نفسه مضرب المثل (مجاهد).