القرن الرابع ابن السراج والزجّاج والزجّاجي والسيرافي والفارسي وابن جني. وفي السادس الزمخشري والأنباري، وفي السابع ابن مالك. . .، فنكاد نحسّ بأنهم أرادوا أن يقولوا إنّ القرن الخامس خالٍ من المشاهير- وأقول إنّ عبد القاهر سار في خط النحو التقليدي، وله كتاب عظيم وهو "المغني في شرح الإيضاح " (١٣) - إيضاح الفارسي -، وهو في ثلاثين مجلدًا، واختصره في كتاب "المقتصد في شرح الإيضاح (١٤) وله أيضًا: الإيجاز- وهو مختصر لإيضاح الفارسي (١٥)، وكتاب التكملة أو التتمة (١٦)، والجمل (١٧)، والعوامل المائة (١٨) وغيرها. وهو في الوقت نفسه مجدد في مجال الدراسات اللغوية (النحوية والصرفية)، فهو يربط الشكل بالمعنى، وقد ربط بين علم النحو وعلم المعنى، وهذا ملحظ راقٍ متقدم، تنزع إليه الدراسات اللغوية الحديثة، ولو أحسن استثماره وتبنيّه منذ عهد عبد القاهر لتقدمت الدراسات اللغوية العربية تقدّمًا كبيرًا. ونستطيع القول إِنّ جهود عبد القاهر العلمية تشعّبت وتنوعّت، وأبدع في كل مجال خاضه وصنّف فيه، فهو إمام في اللغة، كما هو إمام في الدراسات النقدية والبلاغية، والأدبية والأسلوبية، والدراسات القرآنية وإعجاز القرآن، والعروض (١٩) . ويليق أن نذكر ما قاله طاش كبري زاده فيه: "ولو لم يكن له سوى كتاب أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لكفاه شرفًا وفخرًا (٢٠) . ولعلّ ما يوضح منزلته العلمية وأصالته ما كتب عنه وعن كتبه في الماضي والحاضر (٢١)، فهو رجل شغل الناس بعلمه، فهو أمّة برأسه ونسيج وحده.
_________
(١٣) لم يعثر عليه بعد-فيما أعلم -
(١٤) حققه وطبعه د. كاظم بحر المرجان.
(١٥) كشف الظنون ١ / ٢١١.
(١٦) الأعلام ٤ / ١٧٤.
(١٧) كتاب مطبوع.
(١٨) مطبوع.
(١٩) له كتاب في العروض /، وهو قصيدة تتضمن قواعد الأوزان الشعرية، وطبعت في ذيل كتاب "الإقناع في العروض وتخريج القوافي " للصاحب بن عباد، ١٩٦٠ م بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين. (عبد القاهر الجرجاني - بلاغته ونقده ٤٥) .
(٢٠) مفتاح السعادة ١ / ١٧٠.
(٢١) انظر ذلك في بحث جهود عبد القاهر في الدراسات التصريفية "مجلة مجمع اللغة العربية الأردني (عدد ٢٨) .
1 / 9