وفيما سبق دليل على أن هذه الآية تعني بالذين ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ "أنهم الصحابة؛ منهم من بذل جهده على الوفاء بعهده حتى قتل، ومنهم من ينتظر الشهادة، وما بدلوا عهدهم ونذرهم" (^١). وفي هذه الآية إشارة إلى وفائهم بعهدهم الذي عاهدوا الله أنهم لا يفارقون نبيه إلا بالموت، وفي الآية التي تليها قال تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ (^٢)، "أي بصدق ما وعدهم في الدنيا والآخرة كما صدقوا مواعيدهم" (^٣). ويقول الإمام الشوكاني: "إن معنى الآية: أن من المؤمنين رجالًا أدركوا أمنيتهم وقضوا حاجتهم ووفوا بنذرهم، فقاتلوا حتى قتلوا، وذلك يوم، أحد كحمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ قضاء نحبه حتى يحضر أجله، كعثمان بن عفان وطلحة والزبير وأمثالهم، فإنهم مستمرون على ما عاهدوا الله عليه من الثبات مع رسول الله ﷺ والقتال لعدوه، ومنتظرون لقضاء حاجتهم وحصول أمنيتهم بالقتل وإدراك فضل الشهادة، وجملة ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ معطوفة على صدقوا، أي: ما غيروا عهدهم الذي عاهدوا الله ورسوله عليه" (^٤). وفي هذه الآية ثناء على الصحابة وأنهم صدقوا العهد وثبتوا على ذلك حتى لقي الله منهم من لقي وبقي من بقي بعد ذلك إلى أن لقي الله فيما بعد حتى جازاهم الله بصدقهم.