Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Maison d'édition
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Lieu d'édition
https
Genres
أيضًا، وأخرج الطَّبَرَاني من حديث علي ﵁ مرفوعًا: «لا يقطع الصَّلاة شيء إلَّا الحدث».
وقال الكِرْماني: القائلون بقطع الصَّلاة بمرورهم من أين قالوا به؟ قلت: باجتهادهم، ولفظ: (شَبَّهْتُمُوْنَا) يدلُّ عليه؛ إذ نسبت التشبيه إليهم، وإما بما ثبت عندهم من قول الرسول ﵇. قال العَيني: هذا السؤال سؤال مَن لم يقف على الأحاديث الَّتي فيها القطع، وأحد شقي الجواب غير موجَّه؛ لأنَّه لا مجال للاجتهاد عند وجود النصِّ. ثمَّ قال الكِرْماني: فإن قال الرسول به فلم لا يُحكم بالقطع؟ قلتُ: إما لأنَّها رجحت خبرها على خبرهم من جهة إنَّها صاحبة الواقعة، أو من جهة أخرى، أو إنَّها أوَّلت القطع بقطع الخشوع ومواطأة القلب اللسان في التلاوة، لا قطع أصل الصَّلاة، أو جعلت حديثها وحديث ابن عبَّاس من مرور الحمار والأتان ناسِخَين له، وكذا حديث أبي سعيد الخُدْري حيث قال: (فَلْيَدْفَعْهُ) و(فَلْيُقَاتِلْهُ) من غير حكم بانقطاع الصَّلاة بذلك. فإن قلت: لِمَ لَمْ يعكس بأن يجعل الأحاديث الثلاثة منسوخة به؟ قلت: للاحتراز عن كثرة النسخ؛ إذ نسخ حديث واحد أهون من نسخ ثلاثة، أو لأنَّها كانت عارفة بالتاريخ وتأخُّرها عنه. انتهى.
قال شيخنا: ومال الشَّافعي ﵁ وغيرُه إلى تأويل القطع في حديث أبي ذرٍّ؛ فإن المراد به: نقص الخشوع لا الخروج من الصَّلاة، ويؤيِّد ذلك: أنَّ الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالأسود، فأجيب: بأنه شيطان، وقد عُلم أنَّ الشَّيطان لو مرَّ بين يدي المصلِّي لم تفسد صلاته كما سيأتي في «الصحيح»: (إذا ثُوِّب بالصلاة أدبرَ الشيطان، فإذا قُضي التثويبُ أقبلَ حتَّى يخطُر بينَ المرء ونفسِه) الحديث، وسيأتي في باب العمل في الصَّلاة حديثُ: (إنَّ الشَّيطان عَرَض لي فشدَّ عليَّ) الحديث، وللنَّسائي من حديث عائشة: «فأخذتُه فصرعتُه فخنقتُه» ولا يقال: قد ذُكر في هذا الحديث: إنَّه جاء ليقطع صلاته؛ لأنّا نقول: قد بين في رواية مسلم سبب القطع، وهو إنَّه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه، وأما سجود المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة. وقال بعضهم: حديث أبي ذرٍّ مقدَّم؛ لأنَّ حديث عائشة على أصل الإباحة. انتهى. وهو مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض.
وقال أحمد: يقطع الصَّلاة الكلب الأسود، وفي النَّفس من المرأة والحمار شيءٌ. ووجَّه ابن دقيق العيد وغيرُه بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديثَ ابن عبَّاس، يعني الذي تقدَّم في مروره وهو راكب بمنى، ووجد في المرأة حديث عائشة، يعني حديث الباب، وسيأتي الكلام في دلالته على ذلك بعدُ. قال: واستدلَّ بقول عائشة: (فأكرَهُ أنْ أجلِسَ فَأُوذي النَّبِيَّ ﷺ على أنَّ التشويش بالمرأة وهي قاعدة يحصل منه ما لا يحصل
بها وهي راقدة، والظَّاهر: أنَّ ذلك من جهة الحركة والسُّكون، وعلى هذا فمرورها أشدُّ، وقد تقدَّم حديث النَّسائي: «فأكره أنْ أقومَ فأمرَّ بين يديه» فالظَّاهر أنَّ عائشة إنَّما أنكرت إطلاق كون المرأة تقطع الصَّلاة في جميع الحالات لا المرور بخصوصه. ٥١٥ - قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحاق بنُ إِبْرَاهِيْمَ) أي الحنظلي المعروف بابن راهويه، ترجمته في باب فضل من علم وعلَّم. قوله: (قَالَ: أَخبَرَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ) أي القُرَشي المدني الزُّهْري، في باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر. قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا ابنُ أَخِي ابنُ شِهَابٍ) أي محمَّد بن عبد الله بن مسلم في باب ما يستر من العورة. قوله: (أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ) أي محمَّد بن مسلم بن شهاب الزُّهْري، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة. قوله: (عَنِ الصَّلاة يَقْطَعُها شَيءٌ؟ فَقَالَ: لَا يَقْطَعُها شَيءٌ، أَخبَرَني عُرْوَة بنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوجَ النَّبِيِّ ﷺ وَرَضِيَ عَنْهَا) ترجمتهما في بدء الوحي. في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه الإخبار كذلك في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه السؤال والقول، وفيه رواية الرجل عن عمه، وفيه رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابية، وفيه إنَّه وَقَعَ في رواية أبي ذرٍّ: <إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَنْظَلِي> المعروف بابن راهويه، وفي رواية غيره وقع: <إِسْحَاقُ> غيرَ منسوب، وزَعَمَ أبو نعيم: إنَّه إِسْحاق بن مَنْصور الكوسج، وجزم ابن السَّكَن بأنَّه ابن راهويه وقال: كلُّ ما في «البخاري» عن إِسْحاق غير منسوب فهو ابن راهويه، وقال الكلاباذي: إِسْحاق بن إبراهيم وإِسْحاق بن مَنْصور كلاهما يرويان عن يعقوب. قال شيخنا: وما جزم به ابن السَّكَن أَولى. انتهى. قلت: قال شيخنا: في غير هذا المحلِّ وكنت أجوِّز إنَّه ابن راهويه لثبوته في «مسنده» عن الفِرْيابي إلى أن رأيت في سياقه له مغايرة. انتهى. قوله: (قَالَتْ: لَقَد كَانَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ يَقُوْمُ فَيُصَلِّي مِنَ اللَّيل وَإِنِّي لَمُعتَرِضَةٌ بَينَهُ وَبَينَ القِبْلَةِ عَلى فِراشِ أَهلِهِ). مطابقة الحديث للترجمة صريح في قول الزُّهْري، وقال شيخنا: وجه الدلالة من حديث عائشة الذي احتجَّ به ابن شِهاب: أنَّ حديث (يقطع الصَّلاة المرأة...) إلى آخره يشمل ما إذا كانت مارَّةً أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلمَّا ثبت إنَّه ﷺ صلَّى وهي مضطجعة أمامَه دلَّ ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، وفي الباقي بالقياس عليه، وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة، وقد تقدَّم ما فيه، فلو ثبت أنَّ حديثها متأخِّر عن حديث أبي ذرٍّ لم يدلَّ إلَّا على نسخ الاضطجاع فقط، وقد نازع بعضهم في الاستدلال به مع ذلك من أوجهٍ أخرى: أحدها: أنَّ العلَّة في قطع الصَّلاة بها ما يحصل من التَّشويش، وقد قالت: إنَّ البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح، فانتفى المعلول بانتفاء علَّته. ثانيها: أنَّ المرأة في حديث أبي ذرٍّ مطلقةٌ، وفي حديث عائشة مقيَّدة بكونها زوجته، فقد يحمل المطلق على المقيَّد، ويقال بتقييد القطع بالأجنبيَّة لخشية الافتتان بها، بخلاف الزوجة فإنَّها حاصلة. ثالثها: أنَّ حديث عائشة
بها وهي راقدة، والظَّاهر: أنَّ ذلك من جهة الحركة والسُّكون، وعلى هذا فمرورها أشدُّ، وقد تقدَّم حديث النَّسائي: «فأكره أنْ أقومَ فأمرَّ بين يديه» فالظَّاهر أنَّ عائشة إنَّما أنكرت إطلاق كون المرأة تقطع الصَّلاة في جميع الحالات لا المرور بخصوصه. ٥١٥ - قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحاق بنُ إِبْرَاهِيْمَ) أي الحنظلي المعروف بابن راهويه، ترجمته في باب فضل من علم وعلَّم. قوله: (قَالَ: أَخبَرَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ) أي القُرَشي المدني الزُّهْري، في باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر. قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا ابنُ أَخِي ابنُ شِهَابٍ) أي محمَّد بن عبد الله بن مسلم في باب ما يستر من العورة. قوله: (أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ) أي محمَّد بن مسلم بن شهاب الزُّهْري، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة. قوله: (عَنِ الصَّلاة يَقْطَعُها شَيءٌ؟ فَقَالَ: لَا يَقْطَعُها شَيءٌ، أَخبَرَني عُرْوَة بنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوجَ النَّبِيِّ ﷺ وَرَضِيَ عَنْهَا) ترجمتهما في بدء الوحي. في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه الإخبار كذلك في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه السؤال والقول، وفيه رواية الرجل عن عمه، وفيه رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابية، وفيه إنَّه وَقَعَ في رواية أبي ذرٍّ: <إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَنْظَلِي> المعروف بابن راهويه، وفي رواية غيره وقع: <إِسْحَاقُ> غيرَ منسوب، وزَعَمَ أبو نعيم: إنَّه إِسْحاق بن مَنْصور الكوسج، وجزم ابن السَّكَن بأنَّه ابن راهويه وقال: كلُّ ما في «البخاري» عن إِسْحاق غير منسوب فهو ابن راهويه، وقال الكلاباذي: إِسْحاق بن إبراهيم وإِسْحاق بن مَنْصور كلاهما يرويان عن يعقوب. قال شيخنا: وما جزم به ابن السَّكَن أَولى. انتهى. قلت: قال شيخنا: في غير هذا المحلِّ وكنت أجوِّز إنَّه ابن راهويه لثبوته في «مسنده» عن الفِرْيابي إلى أن رأيت في سياقه له مغايرة. انتهى. قوله: (قَالَتْ: لَقَد كَانَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ يَقُوْمُ فَيُصَلِّي مِنَ اللَّيل وَإِنِّي لَمُعتَرِضَةٌ بَينَهُ وَبَينَ القِبْلَةِ عَلى فِراشِ أَهلِهِ). مطابقة الحديث للترجمة صريح في قول الزُّهْري، وقال شيخنا: وجه الدلالة من حديث عائشة الذي احتجَّ به ابن شِهاب: أنَّ حديث (يقطع الصَّلاة المرأة...) إلى آخره يشمل ما إذا كانت مارَّةً أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلمَّا ثبت إنَّه ﷺ صلَّى وهي مضطجعة أمامَه دلَّ ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، وفي الباقي بالقياس عليه، وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة، وقد تقدَّم ما فيه، فلو ثبت أنَّ حديثها متأخِّر عن حديث أبي ذرٍّ لم يدلَّ إلَّا على نسخ الاضطجاع فقط، وقد نازع بعضهم في الاستدلال به مع ذلك من أوجهٍ أخرى: أحدها: أنَّ العلَّة في قطع الصَّلاة بها ما يحصل من التَّشويش، وقد قالت: إنَّ البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح، فانتفى المعلول بانتفاء علَّته. ثانيها: أنَّ المرأة في حديث أبي ذرٍّ مطلقةٌ، وفي حديث عائشة مقيَّدة بكونها زوجته، فقد يحمل المطلق على المقيَّد، ويقال بتقييد القطع بالأجنبيَّة لخشية الافتتان بها، بخلاف الزوجة فإنَّها حاصلة. ثالثها: أنَّ حديث عائشة
1 / 26