فأشكاله كانت مظاهر فعله ... بستر تلاشت إذ تجلى وولت
وكانت له بالفعل نفسي شبيهة ... وحسي كالأشكال، واللبس سترتي
تمجيد الصوفية لعبادة الأصنام:
وقال في الفص النوحي أيضا: ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا﴾ [نوح: ٢٣] أي: حيروهم في تعداد الواحد بالوجوه والنسب ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ ٣ لأنفسهم "المصطفين" الذين أورثوا الكتاب، فهم أول الثلاثة٣، فقدمه على المقتصد والسابق
_________
١ في الأصل: إذا
٢ يعني: من ذكروا في قوله تعالى: ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ وقد عرفهم الزنديق بأنهم: هم المصطفون الأخيار.
٣ يشير إلى الثلاثة الذين ذكروا في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ وقد سوى الزنديق بين مفهوم الظلم هنا، وبين مفهوم الظلم في قوله تعالى: ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا﴾ يهدف بهذه التسوية إلى تقرير أن عباد الأصنام من قوم نوح هم من الذين اصطفاهم الله سبحانه!! ناسيا عن عمد كفور أن الظلم في قوله سبحانه: ﴿ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ مقيد، وأنه هناك مطلق. وأن الظالم لنفسه في الآية مذكور في مقام ثناء، وأن الظالمين من قوم نوح ذكروا في مقام الذم.
ولا عجب، فالمصطفى عند الصوفية هو الظالم، والظالم عندهم من شاهد الواحد كثيرا، فعدد الواحد، وسار منه إلى الكثير. والمقتصد من يشهد الكثرة في الواحد والواحد في الكثرة، جامعا في شهوده بين الحق والخلق. والسابق هو من يشهد الكثير واحدا، ويسير من الكثير إلى الواحد. ويرى الصوفية في الظالم أفضل الثلاثة إذ لا يرى الواحد إلا كثيرا بالاعتبار فقط. ويلزمهم من هذا أن يكون ربهم ناقصا كاملا. وأن يكون مغايرا لنفسه، إذ الثلاثة عندهم عين الحق. فيكون الحق المتعين في الظالم غير المتعين في المقتصد. في حين هم يدينون بأن هوية كل شيء عين هوية الحق!!
1 / 58