Les Lumières de l'Est des Esprits
مشارق أنوار العقول
Genres
( قلنا): عن في الآية الثانية غفران الذنوب كلها فأخرج الشرك على زعمكم فوجب أن تقولوا إن ما عدا الشرك مغفور فصاحب الكبيرة مغفور له قطعا فينتقض مذهبكم ولا ينفعكم. قوله لمن يشاء فإنه قد علق بالمشيئة أشياء قطعتم بثبوتها فقد قال تعالى ((ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم))([29]) وأنتم تخصون اسم المنافق بمن أخفى الشرك وأظهر الإسلام وجزمتم بتعذيبهم وتخليدهم في النار وقال تعالى ((وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء))([30]) وقد قطعتم بتعذيب اليهود والنصارى وتخليدهم فما بالكم لا تعلقون تعذيبهم على المشيئة (فإن قيل) إن الله أخبرنا بقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) أن المشركين لا يغفر لهم فبقي من عداهم في المشيئة .
(قلنا): إن أردتم بالشرك اللغوي فلا يشمل جميع اليهود والنصارى فإن منهم الموحد لغة والقرآن نزل على لغة العرب لا على الاصطلاح الثاني. (وإن قلتم) إن اسم الشرك وضعه الشرع لكل من أشرك أو كذب رسولا أو أنكر كتابا، والآية على هذا الوضع فخرج اليهود والنصارى من المشركين مع من خرج.
(قلنا) وكذلك أيضا الفاسق قد خص بآيات أخر تدل على القطع بتعذيبه كما في آكل مال اليتيم ظلما وقاتل المؤمن عمدا ونحوهما، فظهر أن المغفور له وهو التائب وهو الذي شاء الله أن يغفر له، لخروج المشركين بأدلة وأهل الكبائر بأدلة أخرى (فإن قيل) إن المشرك والفاسق مغفور لهما بالتوبة أيضا فما فائدة قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء..؟
(قلنا): فائدته التنبيه على أن ليس كل تائب مقبولة توبته، وإنما يقبل الله توبة من يشاء أن يغفر له (وإن قيل) وعد الغفران بوجود التوبة فمهما وجدت وجب قبولها لأن وعده الحق.
Page 134