المصوِّرُ للكُلِّيَّات، ولا ريبَ أنَّ ذلكَ ليسَ مِنْ لوازمِ المعيَّن، بَلْ هوَ أمرٌ عارضٌ يَفتقِرُ إلى سببٍ منفصلٍ عَنِ الأعيان، لكِنَّ كونَهُ عارضًا لهُ ليسَ المرادُ بهِ أنَّهُ يقومُ بهِ أو يَحُلُّهُ، بَلِ المرادُ أنَّهُ أمرٌ يوجدُ معَهُ تارَةً، ويعدمُ معَهُ تارَةً أُخرى، فوجودُهُ عارضٌ لوجودِه، ليسَ لازمًا لوجودِهِ.
الوجهُ الثّالثُ: قولُهُ: وإنِ اتَّفقا في الوجودِ والوجوبِ وعرَضَ لهما أمرٌ آخرُ فعِلَّتُهُ إمّا أنْ تكونَ الوجودَ والوجوبَ أو أمرًا خارجًا عنها إلى آخرِهِ.
يقالُ: لا ريبَ أنَّهما اتَّفَقا في وجودٍ مطلَقٍ ووجوبِ مطلَقٍ كما اتَّفَقا في ماهيّةٍ مطلَقةٍ وذاتٍ مطلَقةٍ، وقولُكَ: عرَضَ لهما أمرٌ آخرُ، المرادُ بالعارضِ ما تعيَّنا به، ولا ريبَ أنَّ لكُلٍّ منهُما تعيُّنًا يخصُّهُ ووجودَ وجوبٍ يخصُّهُ، كما يقالُ: إنَّ لهُ ماهيّةً تخصُّهُ. ولا ريبَ أنَّ ما اشترَكا فيهِ ليسَ عِلَّةً لما افترَقا فيه، أو المطلَقُ لا يكونُ عِلّةً للمعيَّن، فإنَّهُ لو كانَ كذلكَ لزمَ مِنْ ثبوتِ الكُلِّيّاتِ المطلَقةِ في الذِّهنِ ثبوتُ أعيانِها في الخارج، وهذا باطلٌ كما أنَّ عكسَهُ باطلٌ، فلا المطلَقُ عِلّةُ المعيَّن، ولا ملزومٌ لهُ، ولا المعيَّنُ عِلَّةٌ للمُطلَقِ ولا ملزومٌ، وقولُكَ: وجود (١) بعدها ذا عِلّة العارض، إمّا أنْ يكونَ وجودَ الوجوبِ أو أمرًا خارجًا عنهُ، يقالُ لكَ: عِلّةُ وجودِ الوجوبِ المعيَّنِ عِلّةٌ للعارضِ المعيَّن، ولا يَلزَمُ مِنْ هذا أنْ يكونَ الواحدُ صدرَتْ عنهُ أُمورٌ مختلفة، بَلْ هذا الواحدُ بالعينِ يصدُرُ عنهُ أمر واحدٌ بالعين، وإنْ كانَ كُلٌّ منهُما معَ الآخرِ واحدًا بالنَّوع، فقَد صدَرَ عنهُ واحدٌ بالنَّوع، وعلى التَّقديرينِ
_________
(١) في المخطوط بعدها كلام شطب عليه النّاسخ وهو: (الواجب أو أمرًا خارجًا عنه يقال)، ولا يخفى أن العبارة غير مستقيمة ولعلَّ أصلها: (وقولك: علة العارض إما أن تكون وجود الوجوب أو أمرًا خارجًا عنه).
1 / 56