ولقد أحسن من قال:
يقضى على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
[الاحتجاج بأقوال المتكلمين في التوحيد دون علماء السلف]
الوجه السادس: أن المجيب أجاب بما يخالف مطلوب السائل، فإن السائل إنما طلب منه قول الأئمة الذين يرجع إليهم في أصول الدين وفروعه، ممن أجمع أهل السنة على هدايتهم ودرايتهم وعلمهم وصدقهم وتمسكهم بالحق، وهم كثير في القرون المفضلة وبعدها، ولم يسأله عن قول من لا يعرف بعلم ولا ثقة ولا صدق ولا عدالة؛ وكلامه الذي نقله عن المجيب من شرحه كلام محرف للسنة، قد دخل في الكلام المذموم والفلسفة، ومثل هذا لا يحتج بقوله من له أدنى فهم ومعرفة بأحوال العلماء.
فسبحان الله يا هذا! كيف تقلد في دينك من لا يعرف بعلم ولا صدق وأمانة وعدالة؟! فما أكثر من اغتر بأقوال من هو مثله ممن أخذ عن أرباب أهل البدع!
فهلا أجبت بأقوال الصحابة والتابعين كالفقهاء السبعة، وكالزهري والحسن وابن سيرين والحمادين والأوزاعي والثوري والليث بن سعد، والأئمة الأربعة، وإسحاق بن إبراهيم وأبي عبيد ومحمد بن نصر المروزي وابن جرير الطبري وأبي عمر بن عبد البر النمري صاحب التمهيد والاستذكار، وأمثال هؤلاء من أئمة الإسلام أهل العروة الوثقى!
فإنهم -بحمد الله- كثير في الأمة، يعرفهم من له إلمام بالعلم والعلماء والفضل والفضلاء، ومعاذ الله أن تجد في كلام هؤلاء وأمثالهم من يجوز تعلق القلب والهم والإرادات بغير الله، ﷾، وتقدس عن الشرك في الإرادات والنيات والأعمال.
ولو قيل لهذا المجيب: عرفنا بشارح المشارق هذا، ومن ذكره من المصنفين من أهل الجرح والتعديل، لم يجد إلى ذلك من سبيل.
وعلى كل حال فليس في كلامه حجة ولا دليل، فإن كلامه يعرف بحقيقة حاله
1 / 397