إذا عرفت أن القول بالجواز الذي هو خلاف الأصح بهذه الصورة بعينها، فأين هذه من مسألتنا؟ وهي لا يمكن فيها معرفة مقدار ما يخص هذه الغلة الموقوفة من أصلها التي عينت فيه، مع ما في ذلك أيضا من الضرر الظاهر على الوقف، من تفريقه في أيدي أناس، لا يمكن تمييز نصيبهم بدون مشاركة الوقف لهم.
وقولكم: فليس هو كالوقف المحض الذي فيه كلام الشيخ.
أقول: نعم، ليس كهو، فإذا كان الشيخ قد منع من قسمة الوقف إذا كان على جهة واحدة، مع إمكان إفراز نصيب كل واحد من العدد الموقوف عليهم المحصورين، مع ما في ذلك من مصلحة انتفاء ضرر المشاركة، فَلَأَن يمنع من قسمة وقف لا يمكن معرفة ما يخصه من الأصل لتطرق النقصان على الغلة غالبا من باب أولى.
وقولكم: إن قسمته تقلل أيدي الملاك عليه فلا يكونون شركاء متشاكسين، أقول: تقليل أيدي الملاك مما يزيد التشاكس في الوقف ويفرقه، مع ما يفضي إليه استيلاء هذه الأيدي من إتلاف هذا الوقف، وإتعاب ناظره بتكثير الطامع فيه، فقد ظهر من هذا الجواب بعض مآخذ المانعين. فتأمله يظهر لك صحة مأخذهم، وحسن مداركهم.
وأما ما ذكرته عن"الإقناع"في قسمة المهايآت؛ فقد ذكرت في الجواب قبل هذا عبارة لشيخ الإسلام ﵀، وقال في"الإنصاف": إذا اقتسما المنافع بالزمان والمكان صح، وكان ذلك جائزا على الصحيح من المذهب، قدمه في"المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم"، ثم قال عن الشيخ تقي الدين: لا تنفسخ حتى ينقضي الدور، ويستوفي كل واحد حقه. انتهى.
وآثرنا الإيجاز والاختصار على التطويل والإكثار، وبالله التوفيق، والسلام وافرا على من نظر إليه من الإخوان.
1 / 378