٣٩ - سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللهِ - جَلَّ وَعَزَّ - فِي سُورَةِ الْكَهْفِ: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَينِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ﴾ (١) إِلَى قَوْلِهِ. . . ﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ (٢).
وَقُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ مُكَذِّبٌ بِيَومِ الْقِيَامَة، وَقُلْتَ: ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ (٣)؟ .
• قُلْتُ: وَهَذَا إِيمَانٌ بِيَومِ الْقِيَامَة، وَكَيفَ يَكُوْنُ مُكَذِّبًا بِهِ مُصَدِّقًا؟ ! وَلَوْ تَدَبَّرْتَ - أَرْشَدَكَ اللهُ - صَدْرَ الْكَلامِ لَدَلَّكَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ شَاكًّا فِي الْقِيَامَةِ؛ أَلْا تَرَاهُ يَقُوْلُ: ﴿مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾، وَلَمْ يَقُلْ: مَا تَبِيدُ هَذِهِ أَبَدًا، وَلا قَالَ: وَلا تَقُوْمُ السَّاعَةُ. فَدُخُولُ الظَّنِّ فِي هَذَا الْكَلامِ دَلِيلٌ عَلَى شَكِّهِ. ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي﴾ لَئِنْ كَانَ الْكَلْامُ عَلَى مَا تَقُوْلُ مِنَ الْمَعَادِ لأَكُوْنَنَّ هُنَالِكَ أَفْضَلَ حَالًا، وَأَحْسَنَ مُنْقَلَبًا، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾. أَي شَكَكْتَ فِيهِ. والشَّاكُّ في اللهِ - جَلَّ وَعَزَّ - كَافِرٌ بِهِ (٤).