48

Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

Maison d'édition

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Édition

العدد١٢٩-السنة ٣٧

Année de publication

١٤٢٥هـ

Genres

تَفْسِيره، وعنايته بموضوع التناسب:
يعدُّ (مَفَاتِيح الْغَيْب) الْكتاب الْأَعْظَم للْإِمَام الرَّازِيّ، وَقد بَدَأَ كِتَابَته بعد إنجاز مُعظم كتبه، وانْتهى مِنْهُ قبل وَفَاته بسنوات قَليلَة، وَمن هُنَا يظْهر أَنه صنفه بعد أَن اكتملت أدواته، ونضج عقله، فحقَّ لَهُ أَن يَبْدُو فِي صُورَة الموسوعة الشاملة، الَّتِي جمعت - إِلَى جَانب التَّفْسِير - الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة، والأسرار الْعَقْلِيَّة، والمباحث اللُّغَوِيَّة، والدقائق الكلامية، والإشارات الفلسفية.. مِمَّا يَجْعَل قارئه ينْتَقل فِيهِ من فنٍّ إِلَى فنٍّ، وَمن دَائِرَة إِلَى أُخْرَى.. فِي ترابطٍ عَجِيب، وترتيب منطقي لافت (١) .
وَمَا يهمنا الْآن من تَفْسِير الرَّازِيّ الْجَامِع، هُوَ بَيَان اهتمامه الشَّديد بترتيب الْآيَات وتحليلها، وَبَيَان أَسبَاب مجيئها على هَذَا النَّحْو، وَالِاسْتِدْلَال بذلك على إعجاز الْقُرْآن الْمجِيد.. وَفِي ذَلِك يَقُول: «.. وَمن تَأمل فِي لطائف نظم هَذِه السُّورَة (سُورَة الْبَقَرَة)، وَفِي بَدَائِع تركيبها، علم أَن الْقُرْآن كَمَا هُوَ معجز بِحَسب فصاحة أَلْفَاظه، وَشرف مَعَانِيه، فَهُوَ أَيْضا معجز بِحَسب ترتيبه ونظم آيَاته، وَلَعَلَّ الَّذين قَالُوا إِنَّه معجز بِحَسب أسلوبه أَرَادوا ذَلِك، إِلَّا أَنِّي رَأَيْت جُمْهُور المفسِّرين معرضين عَن هَذِه اللطائف، غير منتبهين لهَذِهِ الْأُمُور.. وَلَيْسَ الْأَمر فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا كَمَا قيل:

(١) انْظُر: الرَّازِيّ مُفَسرًا، ص ٥١: ٨٦، فَفِيهِ عرض وافٍ وجيد للصورة الْعَامَّة لتفسير الرَّازِيّ، وللقضايا المتشابكة الَّتِي حواها، وللطريقة المميزة الَّتِي سلكها فِيهِ صَاحبه.

1 / 60