حج الرشيد ومعه جعفر بن يحيى البرمكي، وكنت معهم، فلما صرنا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال لي جعفر بن يحيى البرمكي: أريد أن تنظر لي جارية ولا تبقي غاية في حذاقتها بالغناء والضرب، والكمال في الظرف والأدب. وجنبني قولهم صفراء.
قال : فأرشدت إلى جارية لرجل، فدخلت عليه، فرأيت رسوم النعمة، وأخرجها إلي، فلم أر أجمل منها ولا أصبح ولا أدب. ثم تغنت أصواتا فأجادتها، فقلت لصاحبها: قل ما شئت.
فقال: أقول لك قولا ولا أنقص منه درهما.
قلت: قل.
قال: أربعين ألف دينار؟
قلت: قد أخذتها، وأتشرط عليك نظرة.
قال: ذاك لك.
قال: فأتيت جعفر بن يحيى، فقلت: أصبت حاجتك على غاية الظرف والأدب والجمال، ونقاء اللون، وجودة الضرب والغناء، وقد اشترطت نظرة، فاحمل المال ومر بنا.
قال: فحمل المال على حمالين، وجاء جعفر مستخفيا، فدخلنا على الرجل، فأخرجها، فلما رآها جعفر أعجب بها، وعرف أن قد صدقته. ثم غنت فازداد بها عجبا، فقال لي: اقطع أمرها.
فقلت لمولاها: هذا المال قد وزناه ونقدناه، فإن قنعت، وإلا فوجه من شئت لينقده.
قال: بل أقنع بما قلتم.
Page 68