فركبت، فلما صرت في سوق يحيى، إذا أنا بموكب عظيم، وإذا الفضل بن يحيى بن خالد. فلما أبصرني قال: سر. فسرنا قليلا، وحجز بيني وبينه غلام يحمل طبقا على باب يصيح بجارية. فوقف الفضل طويلا. ثم قال: سر. ثم قال: تدري ما سبب وقفتي؟ قلت: إن رأيت أن تعلمني؟ قال: كانت لأختي جارية، وكنت أحبها حبا شديدا، وأستحي من أختي أن أطلبها منها. ففطنت أختي لذلك. فلما كان في هذا اليوم، لبستها أختي وزينتها، وبعثت بها إلي. فما كان في عمري يوم أطيب من يومي هذا. فلما كان في هذا الوقت، جاءني رسول أمير المؤمنين، فأزعجني وقطع علي لذتي. فلما صرت إلى هذا المكان، دعا هذا الغلام صاحب الطبق باسم تلك الجارية، فارتحت لندائه ووقفت.
فقلت: أصابك ما أصاب أخا بني عامر، حيث يقول:
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها وكأنما ... أطار بليلى طائرا كان في صدري
فقال لي: اكتب لي هذين البيتين.
فعدلت أطلب ورقة أكتب له فيها فلم أجد. فرهنت خاتمي عند بقال، وأخذت ورقة فكتبتهما فيها، وأدركته بهما. فقال لي: ارجع إلى منزلك.
فرجعت، فقال لي الخادم: أعطني خاتمك أرهنه على قوتك. فقلت: قد رهنته. فما أمسيت حتى بعث إلي بثلاثين ألف درهم جائزة، وعشرة آلاف درهم سلفا من رزق أجراه لي!.
64- وبه إلى ابن الجوزي: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، حدثنا أحمد بن علي بن ثابت، حدثنا أبو القاسم الأزهري، حدثنا محمد بن العباس الخزاز، حدثنا محمد بن خلف المرزبان، حدثنا يعقوب النخعي، حدثنا علي بن زيد، حدثني إسحاق بن إبراهيم، حدثني أبي قال:
Page 67