فكتب الحسين (ع) يأمره بالمسير إلى الكوفة ولا يتأخر.
ولما قرأ مسلم الكتاب سار من وقته ، ومر بماء لطي فنزل عليه ثم ارتحل ، فإذا رجل يرمي ظبيا حين أشرف له فصرعه ، فتفأل بقتل عدوه (1).
دخول الكوفة
ولخمس خلون من شوال دخل الكوفة (2)، فنزل دار المختار بن أبي عبيد الثقفي (3)، وكان شريفا في قومه ، كريما عالي الهمة مقداما مجربا قوي النفس ، شديدا على أعداء أهل البيت (عليهم السلام)، له عقل وافر ورأي مصيب ، خصوصا بقواعد الحرب والغلبة على العدو ، كأنه مارس التجارب فحنكته ، أو لابس الخطوب فهذبته ، انقطع إلى آل الرسول الأقدس فاستفاد منهم أدبا جما وأخلاقا فاضلة ، وناصح لهم في السر والعلانية.
* البيعة
ووافت الشيعة مسلما في دار المختار بالترحيب وأظهروا له من الطاعة والانقياد ما زاد في سروره وابتهاجه ، فعندما قرأ عليهم كتاب الحسين ، قام عابس ابن شبيب الشاكري وقال : إني لا أخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في نفوسهم ، ولا أغرك بهم ، والله إني احدثك عما أنا موطن عليه نفسي ، والله لأجيبنكم إذا دعوتم ، ولاقاتلن معكم عدوكم ، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله لا اريد بذلك إلا ما عند الله.
وقال حبيب بن مظاهر : قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ، وأنا والله الذي لا إله إلا هو ، على مثل ما أنت عليه.
وقال سعيد بن عبد الله الحنفي مثل قولهما (4).
Page 147