درجة الشهداء فامض ببركة الله وعونه ، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها» (1).
* سفر مسلم
وبعث مع مسلم بن عقيل (ع) قيس بن مسهر الصيداوي ، وعمارة بن عبد الله السلولي ، وعبد الرحمن بن عبد الله الأزدي وأمره بتقوى الله والنظر فيما اجتمع عليه أهل الكوفة ، فإن رأى الناس مجتمعين مستوثقين عجل إليه بكتاب (2).
فخرج مسلم من مكة للنصف من شهر رمضان (3) على طريق المدينة ، فدخلها وصلى في مسجد النبي (ص) وودع أهله (4)، ثم استأجر رجلين من قيس ليدلاه على الطريق ، فضلا ذات ليلة وأصبحا تائهين ، وقد اشتد بهما العطش والحر ، فقالا لمسلم (ع) وقد بان لهما سنن الطريق : عليك بهذا السمت فالزمه لعلك تنجو ، فتركهما ومضى على الوصف ومات الدليلان عطشا (5)، ولم يسعه حملهما ؛ لأنهما على وشك الهلاك ، وغاية ما وضح للدليلين العلائم المفضية إلى الطريق ، لا الطريق نفسه. ولم تكن المسافة بينهم وبين الماء معلومة ، وليس لهما طاقة على الركوب بأنفسهما ولا مردفين مع آخر ، وبقاء مسلم (ع) معهما إلى منتهى الأمر يفضي إلى هلاكه ومن معه ، فكان الواجب الأهم التحفظ على النفوس المحترمة بالمسير لإدراك الماء ؛ فلذلك تركهما في المكان.
ونجا مسلم ومن معه من خدمه بحشاشة الأنفس حتى أفضوا إلى الطريق ووردوا الماء فأقام فيه.
وكتب إلى الحسين (ع) مع رسول استأجره من أهل ذلك الماء يخبره بموت الدليلين وما لاقاه من الجهد وإنه مقيم بمنزله ، وهو المضيق من بطن الخبت حتى يعرف ما عنده من الرأي ، فسار الرسول ووافى الحسين بمكة وأعطاه الكتاب
Page 146