Les Objectifs Supérieurs dans le Commentaire de l'Épître des Mille Vers
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية
Genres
الأخبار معلق بالمكلف لا بالعورة، كما عرفته في قوله (صلى الله عليه وآله): «فلا تستقبل القبلة» إلى آخره، فإن المتعارف من الاستقبال والاستدبار حين يتعلق بالمكلف أن يكون بوجهه ومقاديم بدنه على حد ما يعتبر في الصلاة أو يمتنع، فتحمل العبارة على ذلك، إذ ليست منافية له إن لم تكن مطابقة.
وأجاب الشارح المحقق عن العبارة بأنها تدل أيضا على ذلك، فإن الانحراف بها يقتضي لغة الانحراف معها، على حد قولك: ذهبت بزيد وانطلقت به، فإن المراد ذهابهما وانطلاقهما معا؛ حملا لباء التعدية على معنى (مع) (1).
وفيه نظر، فإن المحققين من أهل العربية كابن هشام ونقله عن سيبويه وغيره، على أن معنى التعدية بالهمزة والباء واحد، فكما لا يقتضي قولك: أذهبت زيدا، ذهابك معه، لا يقتضيه قولك ذهبت بزيد، كما قال الله تعالى ذهب الله بنورهم (2) مع أن الذاهب هو النور خاصة» (3).
والحق أن العبارة لا تدل على أحد المعنيين صريحا، بل تحتملهما، وأهل العربية قد اختلفوا في ذلك، فإن المبرد (4) وجماعة ذهبوا إلى ما اختاره الشارح. لكن الدليل الشرعي لا يدل إلا على اعتبار الوجه والبدن، فيكون ذلك هو المخصص للمعنى الأول، لا نفس التركيب.
بقي في المسألة بحث، وهو أن مقتضى العبارة على ذلك التقدير، وصريح الشارح، أن الواجب متابعة العورة للبدن في الانحراف عن القبلة، فلو انحرف بوجهه وبدنه وبقي الذكر منحرفا إلى القبلة لم يصح، والأدلة لا تدل على ذلك، بل إنما تدل على أن المحرم من ذلك القدر المعتبر في الصلاة، والواجب خلافه، ولا تعرض لها إلى العورة بنفي ولا إثبات، والأصل يقتضي عدم تحريم ذلك، وبهذا يظهر ضعف حمل
Page 152