والخطاب في هذه الآيات وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو ثابت للإمام، لأنه في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكل من تولى الحكم بين الناس من أمراء الإمام أو المحكم من الغرماء، لما ثبت أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطاب لامته إذ لا يختص به وحده وإنما توجه الخطاب إليه لكونه صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة بين الله وبين عبيده، وكانت عادة العرب توجيه الخطاب لبعضهم البعض إلى رؤسائهم القائمون بشؤونهم.
ولا خلاف في ذلك بين من يؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم واليوم الآخر، وأيد تعالى عموم خطاب الولاة بأداء الأمانات الذي منها الحكم بما أنزل الله في كتابه العزيز، بقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } [النساء:58] أي ما ائتمنتم عليه من الحقوق.
قال الزمخشري: الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعما يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات. انتهى.
وسواء كانت الحقوق لله تعالى أو لآدمي، فعلية أو قولية أو اعتقادية، فالحكم بها بين الرعية واجب.
وقول الإمام عليه السلام في خبر (المجموع): ((وأيما إمام لم يحكم بما أنزل الله...)) الخبر، وما سيأتي من أدلة التهديد والوعيد على من لم يحكم بما أنزل الله مما يزيدك وضوحا على الوجوب على من ذكرنا بالحكم بما أنزل الله.
Page 89