[52] فلنفرض أن الأمر كذلك وأن الشعاع يخرج من البصر وينفذ في شفيف الجسم المشف وينتهي إلى البصر وأن بهذا الشعاع يكون الإحساس. وإذا كان ذلك كذلك، وكان الأحساس إنما يكون بهذا الشعاع، فالإحساس الذي يكون بهذا الشعاع إما أن يتأدى إلى البصر وإما أن لا يتأدى إلى البصر. فإن كان الإحساس يكون بالشعاع ولا يتأدى إلى البصر فليس يحس البصر بشيء. لكن البصر يحس بالبصر. وإذا كان البصر يحس بالمبصر، وليس يحس به إلا بتوسط الشعاع بينهما، وكان قد تبين أن البصر ليس يحس بالبصر إلا من شيء يحدثه المبصر في البصر، فهذا الشعاع إذن الذي يحس بالبصر يؤدي إلى البصر شيئا ما منه يحس البصر بالبصر. وإذا كان الشعاع يؤدي إلى البصر شيئا ما منه يكون إحساس البصر بالبصر فالبصر إذن إنما يحس بالضوء واللون اللذين في المبصر من شىء يرد من الضوء واللون اللذين في المبصر إلى البصر، والشعاع هو الذي يؤدي ذلك الشيء، فعلى تصاريف الأحوال ليس يكون الإبصار إلا من ورود شيء ما من المبصر إلى البصر خرج من البصر شعاع أم لم يخرج.
[53] وقد تبين أن الإبصار لا يتم إلا بشفيف الجسم المتوسط بين البصر والمبصر وليس يتم إذا توسط بينهما جسم كثيف. وهو بين أن الجسم المشف ليس يختص بشيء يخالف به الجسم الكثيف مما يتعلق بالضوء واللون إلا بقبوله صور الأضواء والألوان وتأديته لها إلى الجهات المقابلة لها. وقد تبين أن هذه الصور تمتد أبدا في الهواء وفي الأجسام المشفة ويقبلها الهواء والأجسام المشفة وتؤديها إلى جميع الجهات المقابلة لتلك الأضواء والألوان وتؤديها إلى البصر إذا كان مقابلا لها. وإذا كان الإبصار ليس يكون إلا من ورود شيء ما من المبصر إلى البصر، وكان الإبصار ليس يتم إلا بشفيف الجسم المتوسط بين البصر والمبصر، وليس يتم إذا توسط بينهما جسم كثيف، وكان الجسم المشف ليس يختص بشيء يخالف به الجسم الكثيف مما يتعلق بالضوء واللون لا بقبوله صور الأضواء والألوان وتأديته < لها> إلى الجهات المقابلة، وكان قد تبين أن صورة الضوء واللون اللذين في المبصر تصل إلى البصر إذا كان مقابلا للمبصر، فالشيء إذن الذي يرد من المبصر إلى البصر الذي منه يدرك البصر الضوء < واللون> اللذين في المبصر على تصاريف الأحوال ليس هو إلا هذه الصورة خرج من البصر شعاع أم لم يخرج.
Page 156