** المطلب الرابع في أحكام الأكوان
الأكوان على ضربين : متماثلة ومتضادة ، والمتضادة على ضربين متناف وغير متناف ، فالمتماثل هو الذي يختص بجهة واحدة من الأكوان ، سواء اختص بجوهر واحد أو بجواهر (1) إذا كانت في تلك الجهة على جهة البدل ، وسواء اختص بوقت أو أوقات بناء منهم على أن المشتركات في اللوازم مشتركة في الحقائق وفيه ما فيه.
والمتضادة هو ما يصير به الجوهر في الجهتين ، لأن ما حاله هذه استحال وجوده في وقت واحد ومحل واحد ، وهذه الاستحالة غير معللة الا بكونهما ضدين ، واعتمدوا في هذا على التمثيل فإن الجسم كما يستحيل أن يكون أسود ابيض في حالة واحدة ، كذلك يستحيل أن يكون في جهتين دفعة ، والاستحالة ثم إنما (2) كانت معللة بالتضاد فكذلك هنا.
ونحن نطالبهم بالجامع وبكونه علة وبعدم الفارق والجوهر يستحيل وجوده في مكانين متباعدين كما استحال وجوده في متقاربين ، غير أن كل واحد من الكونين إذا تباعدت الأماكن استحال وجوده بدلا من صاحبه وإلا لزم القول بالطفرة ، وكذلك لا يوجد عقيب صاحبه لذلك أيضا ، فهما ضدان من حيث استحالة الاجتماع ، وغير متنافيين لأن احدهما لا ينفي صاحبه لأنه إنما ينفيه لو وجد عقيبه فأعدمه ، ولذلك (3) لا يتعاقبان لأن أيهما وجد لم يوجد الآخر عقيبه.
واما الكونان في الأمكنة المتجاورة فهي متضادة لاستحالة الاجتماع ، ومتعاقبة لأن كلا منهما يوجد عقيب صاحبه ، ومتنافية لأن كلا منهما ينتفي بصاحبه ، وإذ قد تلخص هذا انحصرت الأكوان في المتماثلة والمتضادة ولم يوجد فيها ما يكون
Page 125