وجعل تعالى للأفعال حقوقا؛ فجعل للصلاة حقا، وللزكاة حقا، وللصوم حقا، وللحج حقا، وللجهاد حقا، وجعل لذي الرحم حقا.
ثم إن حقوق الله تتشعب منها الحقوق، فاحفظوا حقوقه.
فأما حقه الأكبر فأن يعبده العارف المحتج عليه فلا يشرك به شيئا، فإذا فعل ذلك بالإخلاص واليقين فقد ضمن له أن يكفيه، وأن يجيره من النار.
ولله عز وجل حقوق في النفوس: أن تستعمل في طاعة الله بالجوارح، فمن ذلك: اللسان، والسمع، والبصر، قال الله عز وجل في كتابه:?إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا?[الإسراء:36].
فاللسان: ينزهه عن الزور، والكذب، والخناء، ويقيمه بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ويحمله آداب الله، لموضع الحاجة إليه، وذلك أن اللسان إذا ألف الزور والكذب والخناء اعوج عن الحق، فذهبت المنفعة منه وبقي ضرره، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه: ((يعرف ذو اللب بلسانه)).
وقال صلوات عليه: ((المرء مخبوء تحت لسانه)). وقال صلوات الله عليه وسلامه: ((لسان ابن آدم قلم الملك، وريقه مداده، يا ابن آدم فقدم خيرا تغنم أو اصمت عن السوء تسلم)).
وحق الله على المؤمن في سمعه: أن يحفظه من اللغو، والاستماع إلى جميع ما يكرهه الله تعالى، فإن السمع طريق القلب، يجب أن تحذر ما يسلك إلى قلبك.
وحق الله في البصر: غضه عن المحظورات ما صغر وما كبر، ولا تمده إلى مامتع الله به المترفين، واترك انتقال البصر في مالا خير فيه، ولكن ليجعل المؤمن نظره عبرا، فإن النظر باب الاعتبار.
وحق الله في اليدين: قبضهما عن المحرمات في التناول، واللمس، والبطش، والأثرة، والخصام، ولكن يبسطهما في الخيرات، والذب عن الدين والجهاد في سبيل الله.
Page 78