قال له القاضي: نعم، ائتني بها. فجاءه بها، فلما أن أصبحوا جاء أبو المقتول بالشهود والقاتل والكفيل إلى القاضي، فقال القاضي لأبي المقتول: إذهب فإنه لاحق لك إن شهودك شهدوا زورا، وبرأ القاتل والكفيل من كفالته، فرجع أبو المقتول والشهود، فقال أبو المقتول للشهود: إنكم شهدتم أمس إنه قد حكم بما أنزل الله تبارك وتعالى فما شهادتكم اليوم عليه حين غير حكمه الذي حكم به أمس؟ قال اثنان من الشهود الأربعة: إنه اليوم لم يحكم بما أنزل الله تبارك وتعالى، فهو: كافر، قال الله تبارك وتعالى: ?ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون?[المائدة: 44]. وقال الاثنان اللذان شهدا أنه من المؤمنين: امرأتاهما طالقتان إن لم يكن من المؤمنين.
فقل لأهل البدع والباطل أرأيتم إن ابتليتم فجعل أحدكم قاضي المسلمين، فجاءتا امرأتا الرجلين الذين شهدا على القاضي إنه من الكافرين، فقالتا: إن رأيتنا حلالا فأرددنا إليهما، وإن رأيتنا حراما ففرق بيننا وبين أزواجنا، وقالتا المرأتان اللتان طلقهما زوجاهما - إن لم يكن القاضي من المؤمنين -: ونحن إن كنت ترانا حلالا فردنا إلى أزواجنا وإن كنت ترانا حراما ففرق بيننا. فعند هذا القضاء تدحض حجتهم، ويضمحل باطلهم ويعمى عليهم أمرهم.
فاسألوا الله الهدى والبصائر والعمل والفقه في دينه، فإنكم قد أصبحتم على ريبة من أمركم يا أهل البدع.
وسلهم عن رجل ركب فرسه وتقلد سيفه ثم ذهب فقطع الطريق على المسلمين، فقتل المؤمنين وأخذ أموالهم، وأخذ الربا، وشرب الخمر، وقذف المحصنة، وترك الصلاة، فإذا قيل له: أرأيتك هذا الذي تعمل حلالا هو أم حراما؟ فيقول: لا، بل حرام من الله تبارك وتعالى.
Page 54