فما شهادتكم على رجل قتل أخاكم في دينكم وحرم ذبيحتكم التي أكلتم معه منها، فأخبروني أفي براءة منكم القاتل والمقتول، أم وفي ولاية، أم أحدهما في ولاية والآخر في براءة؟ فإن قالوا: نبرأ إلى الله من القاتل. فقولوا: ما اسم القاتل، أكافر هو أم مؤمن؟ فإن قالوا: هو مؤمن. فقولوا: إنكم برئتم ممن تولاه الله تبارك وتعالى، فإن الله تبارك وتعالى قال: ?والله ولي المؤمنين?[آل عمران: 68]. وإن قالوا: كلاهما في ولاية منا. عموا وصموا عن الحق، وكان صاحبهم المتقي المقتول والقاتل الفاجر عندهم سواء، واستخفوا بحق الله تبارك وتعالى: ?ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون?[إبراهيم: 42].
وسلهم عن رجل قتل ابنه، فأخذ قاتل ابنه فجاء بأربعة يشهدون عليه بالله أنه قتل ابنه، فجاء بهم إلى قاض من قضاة المسلمين فشهد الأربعة عنده أنه قتله، فسأل عنهم فوجدهم عدولا مسلمين، فقال القاضي للرجل: ظفرت يداك، خذ من القاتل كفيلا، وأرجع يومك هذا فأتمر بينك وبين نفسك، إن شئت دفعناه إليك غدوة فتقتله بابنك، وإن شئت أخذت الدية، وإن شئت تصدقت بها على القاتل. فرجع الرجل وقد أخذ منه كفيلا بهذا، فقال للشهود الأربعة: بما حكم القاضي بيني وبين صاحبي؟ قال الأربعة الشهود: نشهد أنه قد حكم بما أنزل الله تبارك وتعالى. فلما أن أمسوا ذهب القاتل في ليله إلى القاضي، فقال: إن عندي إثني عشر ألفا قد عرضتها عليه فأبى أن يقبلها مني، فهل لك أن آتيك بها فتبري كفيلي وتخل سبيلي وتبطل شهادة الشهود؟
Page 53