أما ريع العبادات بكماله: فلا ريب في اعتباره بالنية، فتعتبر في الوضوء، والغسل والتيمم، والأغسال المسنونة، وكذلك في الصلوات جميعها، سواء كانت فرض عين، أو لفرض كفاية، أو راتبة، أو سنة، أو نافلة مطلقة ، وكذلك في الزكوات، وصدقة التطوع وفي فرض الصيام، ونفله، وفي الحج، والعمرة. وكذلك في الضحايا، والهدايا، والنذور ، والكفارات. وكذلك في الجهاد، والعتق، والتدبير، والكتابة . بمعنى أن حصول الثواب في اهذه الأربعة، يتوقف على قصد التقرب بها إلى الله تعالى، وكذلك فصل الحكم بين المتداعيين، والمتخاصمين، وإقامة الحدود على الجناة، وسائر ما يتعاطاه الحكام، وأولياع الأمر، وكذلك في تحمل الشهادات وأدائها.
بل يسري هذا المعنى إلى سائر المباحات، إذا قصد بها التقوي على العبادة، أو التوصل إليها، كالأكل، والنوم، واكتساب المال، وغير ذلك، وكذلك النكاح، والوطء فيه وفي الأمة إذا قصد به الإعفاف، أو تحصيل الولد الصالح، وتكثير الأمة.
فيندرج في هذا كله ما لا يحصى من المسائل لدخول ذلك كله تحت قوله ه: "إنما الأعمال بالنيات".
وخرج بذلك التروك المجردة - كترك الزنى والسرقة، وسائر المعاصي - فإن مقصود الشارع يحصل بمجرد تركها، وإن لم يخطر بالبال.
ولهذا لم تشترط النية في إزالة النجاسة، لأنها بالتروك أشبه، بدليل أن الثوب المتنجس.
اذا وقع في ماء كثير من غير قصد، طهر.
وحكي وجه غريب، أن النية تشترط في ذلك، والصحيح الأول.
انم إذا نوى الغاسل للنجاسة بذلك القربة لأداء الصلوات، ونحو ذلك، حصل لها الثواب، كما أن من خطر بباله المعصية فكف نفسه عنها لله تعالى، أثيب على ذلك، لأن الكف من جملة الأفعال.
وقد اختلف الأصحاب في أن النية ركن في العبادات، أو شرط؟ على وجهين:
Page inconnue