قال أيده الله: وذكر الشيخ علي خليل أن المؤيد بالله عليه السلام قال في الزيادات: الأقرب عندي أن كل موضع تظهر فيه الشهادتان، وتقام فيه الصلاة فلا يجوز أن يكون ذلك الموضع دار كفر؛ كما ذهبت إليه الحنفية لأنهم قالوا: لو أن أهل دار الحرب دخلوا دار الإسلام وتحصنوا في حصن، فالمعلوم أن ذلك لا يصير من دار الحرب فيجب أن يكون الموضع متاخما لدار الكفر متصلا بها كما ذهبت إليه المعتزلة، والمتاخم هو أن يكون انتهاء حده إلى دار الحرب.
والكلام في هذا: إنه يبعد أن يكون الموضع الذي يظهر فيه الإسلام والشهادتان والصلاة دار كفر، ولا شك في ذلك؛ لأن الكلام لا يفيد ما لم يقل الأقرب عندي أن يكون كل موضع يظهر فيه تشبيه لله جل وعلا بخلقه، أو تجويره في حكمه، أو إضافة القبائح إليه، أو الإلحاد في أسمائه، أو نفي شيء من أفعاله عنه، أو إضافة أفعال خلقه إليه، أو تكذيبه في خبره، أو تجويز إخلاف وعده ووعيده، أو إنكار شيء مما علم ضرورة من دين نبيه لا يجوز أن تسمى دار كفر.
فأما إذا ذكر صفات الإسلام وشرائعه وقال: لا تكون دارهم دار كفر، فذلك الواجب، وأما تمثيله بما ذهب إليه الحنفية فتمثيل صحيح على أصولنا وأصولهم؛ لأن أهل دار الحرب إذا دخلوا دار الإسلام وتحصنوا في حصن، فالمعلوم أن ذلك لا يصير من دار الحرب. قال: فيجب أن يكون الموضع متاخما لدار الكفر ومتصلا بها كما ذهبت إليه المعتزلة؛ والمتاخم هو أن يكون انتهاء حده إلى دار الحرب.
الكلام في ذلك: إنهم إذا دخلوا دار الإسلام، وتحصنوا في حصن فيها فالحكم للإسلام؛ لأن الشوكة والسطوة لهم، والكفر محصور مقهور، وإنما امتنعوا بمنعة الحصن لا بشوكتهم ولا حديتهم، فلا شوكة لهم والحال هذه، وما لم يكن لهم شوكة فالحكم للإسلام على كل حال، ومتى كان متصلا بدار الكفر والكفر عضده ومدده فله الشوكة به؛ فيكون والحال هذه دار الكفر، فالمثال لا تنبني عليه المسألة لمتأمله بعين البصيرة .
Page 75