الذين ينكرون القياس. ولم يثبت عنهم أنهم عجزوا عن الدليل في مسألة من المسائل. وقال ابن حزم الظاهري : كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في الكتاب والسنة ، نعلمه والحمد لله. حاشى القراض فما وجدنا له أصلا فيهما البتة. إلى آخر ما قال.
وأنت تعلم أن القراض نوع من أنواع الإجارة. وأصل الإجارة في القرآن ثابت. وبين ذلك إقراره عليه السلام وعمل الصحابة به.
ولقائل أن يقول : إن هذا غير صحيح. لما ثبت في الشريعة من المسائل والقواعد غير الموجودة في القرآن ، وإنما وجدت في السنة. ويصدق ذلك ما في الصحيح من قوله عليه السلام (1): لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري ، مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا ندري. ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. وهذا ذم ومعناه اعتماد السنة أيضا. ويصححه قول الله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [النساء : 59] الآية. قال ميمون بن مهران : الرد إلى الله ، إلى كتابه. والرد إلى الرسول ، إذا كان حيا ، فلما قبضه الله ، فالرد إلى سنته. ومثله ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) [الأحزاب : 36] الآية.
يقال إن السنة يؤخذ بها على أنها بيان لكتاب الله لقوله : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) [النحل : 44] وهو جمع بين الأدلة.
لأنا نقول : إن كانت السنة بيانا للكتاب ، ففي أحد قسميها. فالقسم الآخر زيادة على حكم الكتاب ، كتحريم نكاح المرأة على عمتها أو على خالتها. وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع. وقيل (2) لعلي بن أبي طالب : هل عندكم كتاب؟ قال : لا. إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة. قال قلت : وما في هذه الصحيفة؟ قال : العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر. وهذا ، وإن كان فيه دليل على أنه لا شيء عندهم إلا كتاب الله ، ففيه دليل على أن عندهم ما ليس في كتاب الله. وهو خلاف ما أصلت.
والجواب عن ذلك مذكور في الدليل الثاني وهو السنة بحول الله.
Page 84