كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا. فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا : أن لما عملنا كفارة. فنزلت. فهذا موطن خوف يخاف منه القنوط. فجيء فيه بالترجية غالبة. ومثل ذلك الآية الأخرى : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) [هود : 114]. وانظر في سببها في الترمذي والنسائي وغيرهما.
ولما كان جانب الإخلال من العباد أغلب ، كان جانب التخويف أغلب. وذلك في مظانه الخاصة ، لا على الإطلاق. فإنه إذا لم يكن هنالك مظنة هذا ولا هذا أتى الأمر معتدلا. فإن قيل : هذا لا يطرد. فقد ينفرد أحد الأمرين فلا يؤتى معه بالآخر ، فيأتي التخويف من غير ترجية ، وبالعكس. ألا ترى قوله تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة ) [الهمزة : 1] ، إلى آخرها ، فإنها كلها تخويف. وقوله : ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) [العلق : 6 7] ، إلى آخر السورة. وقوله : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) [الفيل : 1] ، إلى آخر السورة.
ومن الآيات قوله : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله ) إلى قوله : ( فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) [الأحزاب : 57 58]. وفي الطرف الآخر قوله تعالى : ( والضحى والليل إذا سجى ) [الضحى : 1 2] ، إلى آخرها. وقوله تعالى : ( ألم نشرح لك صدرك ) [الشرح : 1] ، إلى آخرها.
ومن الآيات قوله تعالى : ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ) [النور : 22] الآية.
وروى أبو عبيد عن ابن عباس أنه التقى هو وعبد الله بن عمرو. فقال ابن عباس : أي آية أرجى في كتاب الله؟ فقال عبد الله : قوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) [الزمر : 53] الآية. فقال ابن عباس : لكن قول الله : ( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى ، قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) [البقرة : 260].
قال ابن عباس : فرضي منه بقوله : بلى.
قال : فهذا لما يعترض في الصدور مما يوسوس به الشيطان.
وعن ابن مسعود قال : في القرآن آيتان ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غفر الله له. وفسر ذلك أبي بن كعب بقوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ) [آل عمران : 135] ، إلى آخر الآية. وقوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [النساء : 110].
Page 77