وحيك والمبلغ لشرعك والأمين على مَا أنزلت عَلَيْهِ من كتابك وَدينك ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾ آل عمرَان ١٩
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه عُمُوما البررة الْكِرَام السَّادة الْأَعْلَام
مَا سرت فِي ميادين الطروس وعَلى جباهها الأقلام
وَمَا غردت حمائم الأيك على الصون
وأطرب العيس حادي العيس بألطف الْأَلْفَاظ وأعذب اللحون
واستنبط من الْكتاب الْعَزِيز وَمَا صَحَّ عَن الْمُصْطَفى الْمُخْتَار أدق الْمعَانِي المستنبطون وَسلم تَسْلِيمًا
أما بعد فَيَقُول الْفَقِير لعفو ربه المنان عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن مصطفى بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الْمَشْهُور كأسلافه بِابْن بدران أنني لما من الله عَليّ بِطَلَب الْعلم هجرت لَهُ الوطن والوسن وَكنت أبكر فِيهِ بكور الْغُرَاب وأطوف الْمعَاهد لتحصيله وأذهب فِيهِ كل مَذْهَب وأتبع فِيهِ كل شعب وَلَو كَانَ عسرا أشرف على كل يفاع كل غور فَتَارَة أطوح بنفسي فِيمَا سلكه ابْن سينا فِي الشفار والإشارات وَتارَة أتلقف مَا سبكه أَبُو نصر الفارابي من صناعَة الْمنطق وَتلك الْعبارَات
وَتارَة أجول فِي مَوَاقِف الْمَقَاصِد والمواقف
وَأَحْيَانا أطلب الْهِدَايَة ظنا مني أَنَّهَا تهدي إِلَى رشد
فأضم إِلَيْهَا مَا سلكه ابْن رشد
ثمَّ أردد فِي الطبيعي والإلهي نظرا
وَفِي تشريح الأفلاك أتطلب خَبرا أَو خَبرا
ثمَّ أجول فِي ميادين الْعُلُوم مُدَّة كعدد السَّبع الْبَقَرَات الْعِجَاف فأرتد إِلَيّ الطّرف خاسئا وَهُوَ حسير وَلم أحصل من معرفَة الله ﷻ إِلَّا على أَوْهَام وخطرات وساوس وأشكال تنشأ من الْبَحْث والتدقيق فأدفعه بِمَا أقنع نَفسِي بنفسي فَلَمَّا هَمت فِي تِلْكَ الْبَيْدَاء الَّتِي هِيَ على حد قَول أبي الطّيب يَتلون الخريت من خوف التوى فِيهَا كَمَا تلون الحرباء
1 / 42