وعم الضحك حلقة الشيخ، وارتاح هو إلى ارتياح تلاميذه وفهمهم منطقه وما يريد وما يعني، وصرفهم لاستراحة قليلة، واستدنى التميمي قائلا له: اكشف لي عن صفحتك؛ فما خطبك؟ عرفت أنك منا، فماذا تبتغي في حلقتي؟
فصرح له التميمي بأنه موفد من لدن الحاكم بأمر الله، ومهمته أن يتلقى بعض الدروس، ثم يتوجه بالشيخ إلى القاهرة ليلقي الدروس على «الدعاة» في «دار الحكمة».
فابتسم أبو العلاء وقال له: كان ذلك قبل النذر، خذ عني ما تشاء، واكتب ما تشاء، وخبر «الإمام» بما رأيت وسمعت، أما ذهابي إلى القاهرة فهيهات. هيهات أن يحمل عني مولانا الحاكم وزر يميني. نحن قوم، وأنت من العارفين، ندين بالصدق، ومن يكذب على نفسه يكذب على الإمام والإخوان، والعياذ بالله.
وكان أخذ ورد، وتمادى التميمي حتى استولى على أمد الحديث. ودخل التلاميذ وقعدوا فأملى الشيخ:
عمى العين يتلوه عمى الدين والهدى
فليلتي القصوى ثلاث ليال
لحى الله غارات السنين فإنها
مبدلة ظلماتها بزيال
وهون أرزاء الحوادث أنني
وحيدا أعانيها بغير عيال
Page inconnue