Les Meridies de Jérusalem
معارج القدس
Maison d'édition
دار الآفاق الجديدة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٩٧٥
Lieu d'édition
بيروت
مرتبَة فَوق مرتبَة الأنسانية كَمَا كَانَت الانسانية مرتبَة فَوق مرتبَة الحيوانية لم يتَوَقَّف أَتبَاع الرَّسُول على معرفَة الرسَالَة كَمَا لم يتَوَقَّف استسخار الْحَيَوَان على معرفَة الانسانية بل الانسان لَو أَرَادَ تَعْرِيف الْحَيَوَان خَواص الانسانية كَانَ ذَلِك سفها مِنْهُ وتكليف مَا لَا يُطَاق كَذَلِك لَو أَرَادَ الرَّسُول تَعْرِيف الانسان خَواص الرسَالَة كَانَ ذَلِك تكليفا مِنْهُ مَا لَا يُطَاق فَلَا الْمُطَالبَة متوجبة عَلَيْهِ وَلَا الْجَواب عَنهُ لَازم وَهَذَا كَمَا طَالب فِرْعَوْن مُوسَى ﵇ بِذكر مَاهِيَّة رب الْعَالمين قَالَ ﴿وَمَا رب الْعَالمين قَالَ رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم موقنين﴾ وطالبه ثَانِيًا وثالثا فَلم يَأْتِ بِحَدّ وَلَا رسم وَلم يذكر جِنْسا وَلَا فصلا فِي تَعْرِيف مَا سَأَلَهُ الا بالربوبية الْمَحْضَة والتعريف بالحقائق مكانياتها وزمانياتها والمواليد الَّتِي بَين الْمَكَان وَالزَّمَان
الرسَالَة هَل هِيَ حظوة مكتسبة أم أَثَرَة ربانية
اعْلَم أَن الرسَالَة أَثَرَة علوِيَّة وخطوة ربانية وعطية آلهية لَا تكتسب بِجهْد وَلَا تنَال بكسب ﴿الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته﴾ ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان﴾ لَكِن الْجهد وَالْكَسْب فِي إعداد النَّفس لقبُول آثَار الْوَحْي بالعبادات المشفوعة بالفكر والمعاملات الْخَالِصَة عَن الرُّؤْيَا والسمعة من لوازمها فَلَيْسَ الْأَمر فِيهَا اتفاقيا جغرافيا حَتَّى ينالها كل من دب ودرج أَو مُرَتبا على جهد وَكسب حَتَّى يُصِيبهَا كل من فكر وأدلج وكما ان الانسانية لنَوْع الانسان والملكية لنَوْع الْمَلَائِكَة لَيست مكتسبة لأشخاص النَّوْع وان الْعَمَل بِمُوجب النوعية لَيْسَ يَخْلُو عَن اكْتِسَاب وَاخْتِيَار لاعداد واستعداد كَذَلِك النُّبُوَّة لنَوْع الانبياء لَيست مكتسبة لأشخاص النَّوْع وان الْعَمَل بِمُوجب النُّبُوَّة لَيْسَ يَخْلُو عَن اكْتِسَاب وَاخْتِيَار لاعداد واستعداد فيوحى اليه ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ حِين تورمت قدماه من الْعِبَادَة حَتَّى قَالَ ﵇ أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَكَانَ ﷺ يَتَحَنَّث بحراء
1 / 130