Macani al-ahbar
مcاني الأخبار
Enquêteur
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Lieu d'édition
بيروت / لبنان
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ ﵀: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيمَا حَدَّثَنَاهُ نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ، قَالَ: ح أَبُو عِيسَى، قَالَ: ح عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ح جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ ﷺ: " يُدْعَى نُوحٌ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغْتَ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ، فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، وَمَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ، فَيُقَالُ: مَنْ شُهُودُكَ؟، فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، قَالَ: فَيُؤْتَى بِكُمْ تَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] " وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ، فَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَدَّلَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ ﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]، أَيْ: عَدْلٌ، فَشَهَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ لَا تُرَدُّ، وَالْحُكْمُ بِهِ وَاجِبٌ فِي الْقَضَاءِ، فَإِذَا شَهِدُوا عَلَى إِنْسَانٍ بِصَلَاحٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي الْمَغِيبِ غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى آخَرَ بِفَسَادٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي الْمَغِيبِ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ. فَهَذِهِ الْأُمَّةُ شُهُودٌ، وَاللَّهُ عَدَّلَهُمْ، وَرَسُولُهُ ﷺ زَكَّاهُمْ بِقَوْلِهِ ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، فَوَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَالَ فِي غَيْرِهِمْ ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٤٤]، فَغَيْرُهُمْ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولُهُ ⦗٣٧١⦘، ثُمَّ لَا يُؤْمِنُونَ هُمْ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَبَعْضُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَالْمُؤْمِنُونَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَهُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَأْتُونَهُ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَجْتَنِبُونَهُ، فَهُمْ عُدُولٌ صَادِقُونَ بِتَعْدِيلِ اللَّهِ لَهُمْ، وَهُمْ أَزْكِيَاءُ صِدِّيقُونَ بِتَزْكِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ لَهُمْ، فَوَجَبَتِ الْقَضِيَّةُ بِشَهَادَتِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَجَبَتْ»، وَجَبَتْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ «فِي الْأَرْضِ» أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْحُكَّامِ الْقَضَاءَ بِهَا بِشَهَادَتِهِمْ فِي الدِّمَاءِ، وَالْفُرُوجِ، وَالْأَمْوَالِ عَلَى مَا يَعْرِفُ اللَّهُ مِنْهُمْ فَهُوَ ﷿ يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِمْ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ «وَجَبَتْ» فِي الثَّنَاءِ الْحَسَنِ، فَذَلِكَ سِتْرٌ مِنَ اللَّهِ وَتَجَاوُزٌ عَمَّا عَرَفَ مِنَ الْمُثْنَى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ ﷿ وَكَرَمٌ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَوْلِيَائِهِ؛ لِئَلَّا يَقَعَ فِي شَهَادَتِهِمْ جَرْحٌ، وَتَجَاوُزٌ عَنِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَسِتْرٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَلِيقُ بِاللَّهِ وَفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ
1 / 370