معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Enquêteur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
اللَّهِ ﷿ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، بَلِ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ تَفْسِيرُهَا قِرَاءَتُهَا، وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا رَسُولُهُ تَشْبِيهٌ، فَمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِمَّا وَرَدَتْ بِهِ الْآيَاتُ الصَّرِيحَةُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ مِمَّا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ، وَنَفَى عَنِ اللَّهِ النَّقَائِضَ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْهُدَى. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ، وَآمَنَّا بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ. وَقَالَ أَيْضًا ﵀: لِلَّهِ تَعَالَى أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ جَاءَ بِهَا كِتَابُهُ وَأَخْبَرَ بِهَا نَبِيُّهُ ﷺ أُمَّتَهُ لا يسع أحد مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِهَا وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْقَوْلُ بِهَا فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْعُدُولُ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَافِرٌ، أَمَّا قَبْلَ ثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَمَعْذُورٌ بِالْجَهْلِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَلَا بِالرُّؤْيَةِ وَالْفِكْرِ وَلَا يَكْفُرُ بِالْجَهْلِ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ انْتِهَاءِ الْخَبَرِ إِلَيْهِ بِهَا وَتُثْبَتُ هَذِهِ الصِّفَاتُ وَيَنْفِي عَنْهَا التَّشْبِيهَ كَمَا نَفَى التَّشْبِيهَ عَنْ نَفْسِهِ تَعَالَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، قَدْ أَجْمَلَ اللَّهُ الصِّفَةَ فَحَدَّ لِنَفْسِهِ صِفَةً: لَيْسَ يُشْبِهُهُ شَيْءٌ. وَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ وَلَا مَعْلُومَةٍ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. قَالَ فَهُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِلَا حَدٍّ وَلَا تَقْدِيرٍ، وَلَا يَبْلُغُ الْوَاصِفُونَ صِفَتَهُ، وَلَا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ، فَنَقُولُ كَمَا قَالَ وَنَصِفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا نَتَعَدَّى ذَلِكَ وَلَا يَبْلُغُ صِفَتَهُ الْوَاصِفُونَ، نُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَلَا نُزِيلُ عَنْهُ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ بِشَنَاعَةٍ شَنُعَتْ. وَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَلَامٍ وَنُزُولٍ وَخَلْوَةٍ بِعَبْدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَضْعِهِ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ ﷾ يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَالتَّحْدِيدُ فِي هَذَا كُلِّهِ بِدْعَةٌ، وَالتَّسْلِيمُ فِيهِ بِغَيْرِ صِفَةٍ وَلَا حَدٍّ إِلَّا مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا، عَالِمًا غَفُورًا عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ عَلَّامَ الْغُيُوبِ. فَهَذِهِ صِفَاتٌ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ لَا تُدْفَعُ وَلَا تُرَدُّ، وَهُوَ
1 / 365