358

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Enquêteur

عمر بن محمود أبو عمر

Maison d'édition

دار ابن القيم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lieu d'édition

الدمام

Genres

الشَّرِيعَةِ، هُوَ أَقْبَحَ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الْأَعْرَافِ: ٣٣] فَكَيْفَ بِالْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فِي إِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مِنْ تَشْبِيهِ خَلْقِهِ بِهِ أَوْ تَشْبِيهِهِ لِخَلْقِهِ فِي اتِّخَاذِ الْأَنْدَادِ مَعَهُ وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُمْ، وَإِنَّ اعْتِقَادَ تَصَرُّفِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ مَلَكُوتِهِ تَشْبِيهٌ لِلْمَخْلُوقِ بِالْخَالِقِ، كَمَا أَنَّ تَمْثِيلَ صِفَاتِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ خَلْقِهِ تَشْبِيهٌ لِلْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ، وَكِلَا التَّشْبِيهَيْنِ كُفْرٌ بِاللَّهِ ﷿ أَقْبَحَ الْكُفْرِ، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٦٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النَّحْلِ: ٦٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النَّحْلِ: ٧٤] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ بَلْ جَمِيعُ الْقُرْآنِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ وَلَمْ يُنَزِّلْ كُتُبَهُ إِلَّا بِذَلِكَ: ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٤] .
"بَلْ قَوْلُنَا" الَّذِي نَقُولُهُ وَنَعْتَقِدُهُ وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ هُوَ "قَوْلُ أَئِمَّةِ الْهُدَى" مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَأَصْحَابِ الْأُمَّهَاتِ السِّتِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ١ قَدِيمًا وَحَدِيثًا الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ، وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَبِلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى أَذْهَانِ الْمُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ

١ انظر أقوالهم في كتاب العلو للذهبي.

1 / 364