ويقول طه حسين: «وأنت أخفيت المخطوط كل هذه المدة؟! تعالي هنا لأقبلك، أخفيته كل هذه المدة، ماذا أخفيت أيضا؟ وعلى فكرة في مجلة الكاتب المصري سيكون عليك أنت أن تقدمي للقراء أهم مباحث الدوريات الغربية.»
وتسأل أمينة: «تعني الفرنسية؟»
ويرد طه: «لا، أعني الغربية، كل ما يتيسر نقله من صحف الغرب، هذا غير صعب عليك، وسيكون لدينا في المجلة باب مماثل للدوريات العربية والشرقية، فإننا نريد أن نصل القارئ المصري بالكتاب والصحيفة العربية والشرقية والغربية، بالصحيفة في كل مكان.»
وينهض الأستاذ مصطفى عبد الرازق مستأذنا في الانصراف وهو يهنئ من جديد، وينصرف وهو يقول إنه ينتظر بفروغ صبر العدد الأول من مجلة «الكاتب المصري».
الكاتب المصري
في دار الكاتب المصري: طه حسين يستمر في إملاء «البرنامج» الذي قرر أن يقدم به المجلة إلى القراء، يقول: «هذه المجلة لا تريد إلا أن تكون أداة من أدوات مصر ...»
وخارج المكتب في إدارة المجلة: الأستاذ حسن محمود سكرتير التحرير يسأل عن مقالة الأستاذ توفيق الحكيم هل وصلت، ومقال نجيب الهلالي باشا هل تم طبعه، ومقالات الدكتورة سهير القلماوي، والأساتذة محمد رفعت وسليمان حزين وعبد الله عنان، ومقال الدكتور حسين فوزي، وشعر الأستاذ عزيز فهمي، والأستاذ عبد القادر القط، وبحث الدكتور غالي عن القنبلة الذرية ومستقبل الذرة.
إن المجلة لا تريد أن تتخلف عن معالجة الموضوعات العالمية الجديدة، إلى جانب معالجتها الموضوعات الإسلامية والعربية والمصرية. والأستاذ حسن محمود يطلب بروفات مقاله الذي ترجمه عن أدب القصة في الاتحاد السوفييتي، وبروفات مقالات العميد، تقدم إليه البروفات: هذه بروفة مقال «الأدب العربي بين أمسه وغده»، ثلاث وثلاثون صفحة حرف صغير، والمقالين الآخرين ... هذه بروفة مقال العميد عن «بريطانيا العظمى والشرق الأوسط»، إن الحياة الدولية موضوع هام وستكون بابا ثابتا في كل عدد من أعداد المجلة وسيحرره في المستقبل أحسن من يمكن دعوتهم لتحريره، ولكن في هذا العدد الأول قام طه حسين بتحرير هذا الباب. وهناك مقال ثالث عن بول فاليري في اثنتي عشرة صفحة بإمضاء «طه» فقط.
ويدخل الأستاذ حسن محمود على الدكتور طه حسين فيجده مستمرا في الإملاء.
طه حسين يملي: «... وستأخذ هذه المجلة نفسها بقانونين لن تحيد عنهما؛ أحدهما: الشدة على نفسها وعلى كتابها وقرائها فيما تنشر وما تنقل من الفصول، فلن تقدم إلى قرائها إلا هذا الأدب الذي ينفق صاحبه في إنتاجه الجهد العنيف والوقت الطويل ... والقانون الثاني هو الحرية الواسعة الكاملة السمحة فيما تنشر وفيما تختار من آثار القدماء والمحدثين ومن آثار الشرقيين والغربيين، لا تنظر في ذلك إلا إلى الفن الخالص وإلى قيم الثقافة العليا وما يحقق التعارف والتواصل بين الذين يمثلون هذه الثقافة من رجال الأدب والعلم والفن.
Page inconnue